بقلم: مصطفى عبيد
الكلمة نور وظلال وصفاء ونقاء ومحبة وجلال وخلود، والكتابة نضال وكفاح وسعى واستشهاد .قلت وسأقول إن لحظة الكتابة هى لحظة تحرر، وأن حركة القلم هى حركة تحضر، وأن حرية الرأى أهم من حرية التنفس.
 
أقول قولى هذا وأستغفر الله لى ولكم ولأعداء الكلمة ومطاردى الرأى وكارهى زقزقة العصافير وخرير الماء وجلادى الابداع والفكر.
لم أتصورها – رئاسة – تلك التى تقاضى الصحفيين، وتبلغ النيابة ضد ما يكتبون لتقدم القدوة السيئة لباقى مؤسسات الدولة.
ماذا تركت مؤسسة الرئاسة لجماعات الفاشية، وتجمعات الحسبة السياسية والدينية عندما تتهم جمال فهمى وعلا الشافعى وخالد صلاح وعبد الحليم قنديل وإسلام عفيفى وباسم يوسف بإهانة رئيس الجمهورية؟ ما الاختلاف بين ممارسات نفس المؤسسة فى عهد مرسى، وعهد سلفه المخلوع؟ ألم تكن ذات المؤسسة تقاضى الصحفيين وتدفعهم إلى المحاكمات فى ظل تشريع لاديمقراطى يتيح حبس الصحفيين وقهرهم!
 
أتعجب كيف لم تجد مؤسسة تمتلك النفوذ والحضور والاعلام والكلام ردا على كلمات نشرتها الصحف إلا قضايا الحسبة السلطوية !! لو أكتفت الرئاسة باصدار بيان توضح موقفها بشأن أى رأى أو فكر تم طرحه فى الصحف أو الفضائيات لنشره الجميع ولكان أليق بمؤسسة عليا جاء رأسها عن طريق الانتخاب الحر.
الكمات لا ترد الكلمات، والمصادرات لا تمنع الأفكار من التداول والانتشار.
 
لقد ذكرت الشبكة العربية لحقوق الانسان» أن استهداف مؤسسة الرئاسة، صاحبة أعلى سلطة بالبلاد، لأصحاب الرأي يمثل ممارسة للإرهاب الفكري ضد كل من يمارس حقه الطبيعي في حرية الرأي والتعبير، التي تشمل بشكل لا شك فيه، التناول النقدي لسياسات الرئيس وقراراته.
 
وأضافت الشبكة: «لا يمكن قبول الزعم بأن إحدي الإدارات بديوان رئيس الجمهورية قد اتخذت مثل هذه الإجراءات، دون أوامر من الرئيس أو دون علمه، فحتى وإن كان هذا صحيحا يبقي الرئيس بنفسه مسئولا عن هذه الملاحقة لأصحاب الرأي التي تشيع مناخا من الإرهاب والتقييد، هما بذاتهما انتهاك للحقوق والحريات».
 
كانت الأنظمة المستبدة تمارس ذات الارهاب تجاه المفكرين وأصحاب الاقلام. ففى عهد جعفر نميرى ضاقت السلطات بمفكر سودانى اسمه على محمود طه وفتشت فى دفاتره وأخرجت كتابا نشره قبل عشرين عاما حول الاجتهاد فى الأحوال الشخصية بالشريعة ودفعت به إلى القضاء ليحكم عليه بالاعدام شنقا، وقدم الرجل رأسه فى ثبات ثمنا لمعارضته للطاغية السودانى.
 
وطارد السافاك الايرانى فى عهد الشاه مفكرا وكاتبا عظيما هو الدكتور على شريعتى وضيّق عليه حتى غادر وطنه وعاش فى المنفى نصف عمره قبل أن يغتاله النظام الطاغى بالسم فى فرنسا.
 
واختطف الجلاد الدموى الجنرال محمد أوفقير المناضل المغربى المهدى بن بركة من منزله بباريس وعذّبه بخنجر صغير حتى لفظ أنفاسه، ثم قام بتذويبه فى حامض.
 
وظلت أفكار وكلمات وكتب على محمود طه، وعلى شريعتى، والمهدى بن بركة خالدة، ذائعة، حاضرة رغم السنين. أما القتلة فيكفيهم أنهم قتلة. والعبرة لمن يعتبر. والله أعلم.