القمص بطرس البراموسي
مقدمة
الحسد هو شعور سلبي يؤثر على العلاقات الإنسانية ويُعتبر من الأخطاء الأخلاقية التي تُشكل تحديًا كبيرًا في المجتمعات الإنسانية. في المسيحية، وخاصة من منظور قبطي أرثوذكسي، يُعتبر الحسد من الأخطاء التي تُؤدي إلى تدمير العلاقات الإنسانية والروحية. في هذا المقال، سنستعرض مفهوم الحسد في المسيحية من خلال منظور قبطي أرثوذكسي، مدعمًا بأقوال آباء الكنيسة القبطية الأرثوذكسية.
 
مفهوم الحسد في المسيحية
الحسد هو شعور بالحزن أو الغيرة من نجاح الآخرين أو سعادتهم. يُعتبر هذا الشعور من الأخطاء التي تُؤدي إلى تدمير الروح الإنسانية. كما يُشير القديس باسيليوس الكبير إلى أن الحسد هو "غذاء المرض وألم إضافي للشخص الحسود". يُؤكد آباء الكنيسة على أن الحسد يُدمر الشخص الحسود ويُؤثر سلبًا على العلاقات الإنسانية.
 
تأثير الحسد على الروح الإنسانية
الحسد يُؤدي إلى تدمير الروح الإنسانية من خلال إثارة مشاعر سلبية مثل الغضب والكراهية. كما يُشير القديس يوحنا الذهبي الفم إلى أن الحسد يُؤدي إلى تدمير العلاقات الاجتماعية ويُشكل خطرًا على السلم الاجتماعي. يُعتبر الحسد من الأسباب الجذرية للقتل والعنف،
 
 الحسد في الكتاب المقدس
في الكتاب المقدس، هناك العديد من الأمثلة التي تُظهر تأثير الحسد السلبي. على سبيل المثال، يُشير القديس بولس الرسول إلى أن الحسد هو من أعمال الجسد التي تُؤدي إلى الموت الروحي (غلاطية 5:19-21). كما يُشير الكتاب المقدس إلى أن الحسد يُؤدي إلى الفساد والشر، حيث يُعتبر من أسباب الفتنة والانقسام في المجتمعات الإنسانية.
 
أمثلة من الكتاب المقدس
- قصة يوسف: يُعتبر قصة يوسف من الأمثلة البارزة للحسد في الكتاب المقدس. حيث حسد إخوته نجاحه وتميزه، مما أدى إلى بيع يوسف للعبيد.
- قصة القديس اسطفانوس: يُشير الكتاب المقدس إلى أن اليهود حسدوا القديس ستيفن بسبب حكمته وبركاته، مما أدى إلى قتله.
أقوال آباء الكنيسة عن الحسد
آباء الكنيسة القبطية الأرثوذكسية يُؤكدون على ضرورة تجنب الحسد وتعزيز المحبة والتواصل الإيجابي مع الآخرين. على سبيل المثال، يُشير القديس أنطونيوس الكبير إلى أن الشخص الحسود "يحترق بالغيرة من أولئك الذين تلقوا نعمة الله". يُشدد آباء الكنيسة على أهمية التوبة والعودة إلى الله لتفادي تأثيرات الحسد السلبية.
 
 أقوال آباء الكنيسة
- القديس باسيليوس الكبير: يُشير إلى أن الحسد يُؤدي إلى تدمير الروح الإنسانية ويُشكل خطرًا على السلم الاجتماعي.
- القديس يوحنا الذهبي الفم: يُؤكد على أن الحسد يُؤدي إلى تدمير العلاقات الاجتماعية ويُشكل خطرًا على السلم الاجتماعي.
 
 العلاج الروحي للحسد
في المسيحية، يُعتبر العلاج الروحي للحسد من خلال التوبة والصلاة والتواصل مع الله ضروريًا. يجب على الأفراد أن يُكثروا من الصلاة والتفكير في كلمات الله لكي يُستبدل الحسد بالمحبة والرحمة. كما يُشدد آباء الكنيسة على أهمية ممارسة الفضائل المسيحية مثل الحب واللطف والتعاطف مع الآخرين.
 
ممارسات روحية لمواجهة الحسد
- الصلاة: يجب على الأفراد أن يُكثروا من الصلاة لطلب النعمة الإلهية والقوة لمواجهة الحسد.
- التوبة: يجب على الأفراد أن يتوبوا عن الحسد ويطلبوا العفو من الله.
- المحبة: يجب على الأفراد أن يُكثروا من ممارسة المحبة واللطف مع الآخرين لتحقيق حياة روحية صحيحة.
 
الخلاصة
الحسد هو شعور سلبي يُؤثر على العلاقات الإنسانية والروحية. من منظور قبطي أرثوذكسي، يُعتبر الحسد من الأخطاء التي تُؤدي إلى تدمير الروح الإنسانية. يجب على الأفراد أن يُكثروا من الصلاة والتوبة والتواصل مع الله لتفادي تأثيرات الحسد السلبية. كما يُشدد آباء الكنيسة على أهمية تعزيز المحبة والتواصل الإيجابي مع الآخرين لتحقيق حياة روحية صحيحة.
النصوص المقدسة التي يشار إليها في الكنيسة القبطية الارثوذكسية لمناقشة الحسد
 
في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، هناك عدة نصوص مقدسة تُستخدم لمناقشة الحسد وتحذير منه. إليك بعض هذه النصوص:
 
1. 1 بطرس 2:1: "فاطرحوا كل خبث وكل مكر والرياء والحسد وكل مذمة..." - هذا النص يُشدد على ضرورة التخلص من الحسد كجزء من التخلص من السلوكيات السلبية.
 
2. 1 كورنثوس 13:4: "المحبة تتأنى وترفق. المحبة لا تحسد." - هذا النص يُظهر أن المحبة هي ضد الحسد، ويُشدد على أهمية ممارسة المحبة في حياتنا.
 
3. غلاطية 5:19-21: "أعمال الجسد ظاهرة هي: زنى، رجس، إفراط، عبادة الأوثان، سحر، عداوة، خلاف، حسد، غضب، خصام، انقسامات، حزبية، حقد، سكر، عياشة، وما إلى ذلك..." - هذا النص يُصنف الحسد كأحد أعمال الجسد التي تُؤدي إلى الموت الروحي.
 
4. متى 27:18: "فلما اجتمعوا قال لهم يسوع: تعلمون أن رؤساء الأمم يسودون عليها، والكبراء يعملون سلطانًا عليهم. ليس هكذا بينكم، بل من أراد أن يكون فيكم عظيمًا يكون لكم خادمًا" - هذا النص يُشير إلى أن السعي للسلطة أو الشهرة يمكن أن يؤدي إلى الحسد، ويُشدد على أهمية الخدمة والمحبة.
 
تُستخدم هذه النصوص في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية لتعليم المؤمنين على أهمية تجنب الحسد وتعزيز المحبة والتواصل الإيجابي مع الآخرين.
 
 
القمص الدكتور/ بطرس البراموسي
دكتوراه في الفلسفة تخصص تاريخ الأقباط - جامعة الإسكندرية
ماجستير في اللاهوت العقيدي- معهد الدراسات القبطية
ماجستير في التراث المسيحي المدون باللغة العربية
جامعة الإسكندرية عضو الاتحاد العام للمؤرخين العرب