د. ماجد عزت إسرائيل
اعتاد صاحب القداسة البابا تواضروس الثاني، في كل عام ومع احتفال الكنيسة بأحد المولود أعمى، أن يزور أحد بيوت المكفوفين. فكان يجلس معهم، يستمع إلى قصصهم، ويشجعهم، ويمنحهم من قلبه محبةً واهتمامًا. فكان يفرح بمواهبهم الفريدة، من ترانيم وصلوات وعزف، إلى حفظ الألحان وتسبيح الروح.ولكن ازدحام المسؤوليات خلال الأعوام الماضية حال دون إتمام هذه العادة السنوية المحببة إلى قلبه. أما هذا العام، فمع إلحاح شديد من الأحباء المكفوفين لمقابلته، استجاب قداسة البابا لدعوتهم بكل محبة. لم يمنحهم فقط من وقته، بل منحهم أيضًا حضوره القلبي، واحتضنهم بمحبة الأب الراعي. فكانت القلوب تتهلل، والعيون – وإن لم تُبصر – تلمع ببصيرةٍ روحية نافذة. فهؤلاء الأطفال والشباب، وإن حُرِموا من نعمة البصر، فقد أُعطوا عين القلب المستنيرة، التي ترى أعمق من أي عين جسدية.فلقاء ملؤه الروح، جمع فيه قداسة البابا أبناءه المكفوفين، ليؤكد لهم أنهم مرئيون بعين المحبة، وأن نور المسيح لا يُطفأ بغياب النور الأرضي، بل يسطع أكثر في القلوب النقية.

وها هو  صاحب القداسة البابا تواضروس الثاني، كعادته في الرعاية الحانية، يُعيد إحياء هذا اللقاء الذي طال انتظاره، ويؤكد برسالته الصامتة أن المحبة لا تُعاق، وأن الحضور الأبوي أقوى من أي ظرف.فهي لفتة قد تبدو بسيطة في ظاهرها، لكنها في قلوب هؤلاء الأحباء تُعادل أعوامًا من الانتظار، وتُضيء مسيرتهم برجاء جديد. فإنها ليست مجرد زيارة، بل شهادة حيّة بأن الراعي لا ينسى أحدًا من قطيعه، وأن من لا يرى بعينيه، يرى بمحبة من لا تغفل عيناه عن أحد. فأنتم لستم وحدكم… أنتم في قلب الكنيسة، في قلب البابا، وفي عين الله الساهرة على كل واحدٍ منكم. حقًا "الْقَلْبُ الْفَرْحَانُ يُطَيِّبُ الْجِسْمَ، وَالرُّوحُ الْمُنْسَحِقَةُ تُجَفِّفُ الْعَظْمَ." (أم 17: 22).