دكتور بول غبريال - راعي الكنيسة الكتابية - شيكاجو
في عالمنا اليوم، تزداد أهمية مراقبة ما يصدر منّا، لا فقط من أقوال وأفعال، بل من مشاعر وأفكار وزفرات… نعم، حتى أنفاسنا قد تحمل رسالة، إما سلامًا أو سُمًّا، محبةً أو تهديدًا.

في سفر أعمال الرسل ٩: ١، يُصوَّر لنا شاول قبل تحوله إلى بولس الرسول بهذه العبارة:
“فَكَانَ لَمْ يَزَلْ يَنْفُثُ تَهَدُّدًا وَقَتْلًا عَلَى تَلاَمِيذِ الرَّبِّ”

تعبير قوي وغريب: أن يتنفس إنسان تهديدًا وقتلًا! لكن الوحي هنا يكشف ما لا يُرى، ما يجري داخل النفس. فالله لا ينظر فقط إلى الظاهر، بل يرى ما ننفثه حقًا، ما يخرج من داخلنا.

وقد قال الرب يسوع له كل المجد:
“وَأَمَّا مَا يَخْرُجُ مِنَ الْفَمِ فَمِنَ الْقَلْبِ يَصْدُرُ، وَذَاكَ يُنَجِّسُ الإِنْسَانَ” (متى ١٥: ١٨).

أي أن ما ننفثه، ما نُطلقه من أعماقنا، هو تعبير عن حال القلب:
فهل ننفث كراهية، مرارة، خصامًا؟

أم ننفث محبة، لطفًا، شفاءً وغفرانًا؟

هناك من يتنفس غضبًا، شهوة، حقدًا، وهناك من يتنفس صفات الروح القدس:
“وَأَمَّا ثَمَرُ الرُّوحِ فَهُوَ: مَحَبَّةٌ، فَرَحٌ، سَلاَمٌ، طُولُ أَنَاةٍ، لُطْفٌ، صَلاَحٌ، إِيمَانٌ، وَدَاعَةٌ، تَعَفُّفٌ” (غلاطية ٥: ٢٢-٢٣).

القضية ليست في التنفُّس ذاته، بل في ما نُخرجه مع كل زفير. إن كنت تنفث قُبحًا، فقد تكون مُحمّلًا بأفكار هذا العالم، لكن دعوتك في المسيح أسمى. دعوته لنا أن نتغيّر ونُشبِه صورة ابنه، كما يقول الرسول بولس:

“لأَنَّهُ الَّذِينَ سَبَقَ فَعَرَفَهُمْ سَبَقَ فَعَيَّنَهُمْ لِيَكُونُوا مُشَابِهِينَ صُورَةَ ابْنِهِ، لِيَكُونَ هُوَ بِكْرًا بَيْنَ إِخْوَةٍ كَثِيرِينَ” (رومية ٨: ٢٩).

فكل نفس يخرج منك هو فرصة أن تنفث ما يعكس صورة المسيح، لا طبيعتك القديمة.

فلنسأل أنفسنا اليوم بصدق:
ماذا أتنفس؟

وما الذي يخرج من أعماقي؟

هل هو زفير الروح، أم أنين الجسد؟