سامح فوزي
لا أعرف من أى مورد جاء هذا المصطلح، لكنى وجدت مراكز تعلن عنه، وتقدمه، وزبائنها على ما يبدو هم الأزواج الذين يعانون من اضطراب الحياة بينهم. ليس لدى علم بأى ممن يعملون فى هذا المجال، لكنى أظن أنه أقرب إلى الإرشاد الأسرى، ومحاولة مساعدة الزوجين على حل الخلافات التى قد تنشب بينهما، وتدريبهما على سبل التكيف مع متغيرات الحياة.

فكرة جيدة، خاصة إذا كانت تضم متخصصين وليس هواة، أو باحثين عن الثراء على أنقاض أسر محطمة، لأن أوضاع الأسرة فى المجتمع ليست فى أفضل أحوالها، قد يكون ارتفاع نسب الطلاق مؤشرا، ولكن هناك مؤشرات كثيرة تكشف تراجع معدلات السعادة الأسرية منها كثرة المشاجرات، الصمت أو الخرس الزوجى كما يسميه البعض، وتقلص الوقت المخصص للالتقاء العائلى، وبالمناسبة ليست المشكلة مادية أو مالية فى كل الأحيان، لأن هذه الظواهر السلبية وغيرها تضرب أسرا موسرة، وفى المقابل هناك أسر رقيقة الحال تسودها علاقات طيبة وهادئة.

واضح من العمل أن التركيز على علاقات زوجية مضطربة، وهو جانب من المشكلة، ولكن هناك جانبا آخر هو تغير النظرة إلى مفهوم الزواج ذاته، وهو ما يدفع قطاعات من الشباب من الجنسين إلى العزوف عن الزواج، أو اختيار الارتباط بهدف التجربة مما يستتبعه قرار تأجيل الإنجاب أو العدول عنه نهائيا، وهناك فتيات يرغبن فى الزواج لفترة قصيرة حتى ينجبن، ويصبحن أمهات، ثم يذهبن إلى الطلاق، واختيار الحياة منفردة، بشكل مستقل. وتظهر موضات فى المجتمع مثل زواج الويك إند، أى لقاء الزوجين فى عطلة نهاية الأسبوع، بينما يعيش كل منهما بمفرده فى حياته الخاصة بقية الأيام، هذا بالإضافة إلى أنواع الزواج المؤقتة التى نعرفها منذ سنوات مثل العرفى، والمسيار.. إلخ. وبينما هناك من يمتلكون المقدرة، ويفتقرون إلى الرغبة فى الزواج، هناك أسر ريفية تدفع بناتها إلى الزواج دون السن القانونية أو ما يعرف بزواج القاصرات، والذى يؤدى أحيانا إلى كوارث، وبينما يختار زوجان كاملا الأهلية عدم الإنجاب أو تأجيله، تسرع الزيجات التى طرفها زوجات قاصرات إلى الإنجاب. وإذا حدث انفصال بينهما لأى سبب، لا يجد الطفل أبا قانونيا ينتسب إليه، لأنه لا يوجد عقد زواج من الأصل، بل ورقة عرفية.

أتصور أن أحوال الأسرة سوف تزداد تحولا واضطرابا كلما اهتزت أوضاع المجتمع، واختلطت أوراقه. وما يفعله الناس ما هو إلا ابتداع صيغ للتكيف، حتى إن لم يكن لها سند من دين أو دعم من تقاليد أو عرف. وكثير من أنماط العلاقات بين الرجل والمرأة التى تشهدها مجتمعات أخرى، ونستغربها ونمقتها، سوف نجدها تحدث بصورة أو بأخرى فى المجتمع المصرى. الأمثلة على ذلك كثيرة. ولم الاستغراب؟ فالتحولات الاجتماعية المشوهة تصيب المجتمع فى مناحى الحياة المختلفة، ولن تفلت منها الأسرة، بل على العكس ستكون هى المرآة التى تكشف هذه التحولات بكل ما فيها من تغيير وتحايل.

من هنا قد نحتاج بجانب العلاج الأسرى، إلى جهود للحفاظ على مفهوم الأسرة ذاتها فى وجه تغيرات متسارعة، وحتى هذه اللحظة لا أرى سوى المؤسسة الدينية ــ الإسلامية والمسيحية ــ التى تمارس دورها فى هذا السياق، حتى لو أصابه قصور، أو شابه عدم مجاراة للأساليب الحديثة فى التواصل، بينما تظهر مؤسسات أخرى بوعى أو بدون وعى تقف على النقيض، مثل بعض الأعمال الدرامية التى تحت زعم تقديم الواقع تخلق بالفعل واقعا، وتجعل أشكال العلاقات المحدودة شائعة، وكذلك انفلات وسائل التواصل الاجتماعى فى تقديم أعمال تصويرية فى شكل حوارات أو مشاهد درامية تبث التفكك فى العلاقات الأسرية، وأحيانا تروج الإسفاف والابتذال...

واقع الحال أن المسألة أكثر تعقيدا، ولكن كما تعودنا فى أمور كثيرة نستيقظ متأخرا، أو نفعل القليل بما لا يتواكب مع إيقاع التغيير السريع.
نقلا عن الشروق