مارجريت عازر
فى ظل التحولات الاجتماعية والسياسية التى تشهدها مصر، مازالت المرأة المصرية تُمتحن يومًا بعد يوم فى كرامتها وقيمتها أمام موجات متجددة من التحقير والإهانة، لا تأتى دائمًا من أعداء الخارج، بل من بعض الأصوات فى الداخل التى تُمعن فى تشويه صورتها وكأنها سلعة تباع وتشترى، أو ورقة تُلعب بها فى ساحة المصالح والنفوذ.

التصريح الذى تداوله البعض مؤخرًا على وسائل التواصل الاجتماعى، والذى يفيد بأن «فى مصر ممكن واحدة تاخد من زوجها مقابل الفلوس» وأن «الرياضة والبطولات والبرلمان كلها تُشترى بالمال والرشاوى»، لم يكن مجرد رأى عابر، بل طعنة حادة فى قلب كل امرأة مصرية شريفة. هو اختزال مهين لدور المرأة المصرية، وإساءة فادحة لما تبذله من جهد فى كافة مواقع العمل والإبداع والمشاركة السياسية والاجتماعية.

لكن المؤسف أكثر هو الزج باسم البرلمان فى هذا السياق، وكأن المرأة المصرية لم تدخل إليه إلا عبر المال أو النفوذ، بينما التاريخ والواقع يكذّبان هذا الادعاء. فالمرأة المصرية كانت ومازالت شريكًا حقيقيًا فى الحياة النيابية، تشارك فى التشريع والرقابة، وتطرح القضايا بجرأة ومسؤولية، ولها إسهامات ملموسة داخل البرلمان المصرى وكذلك فى المحافل البرلمانية الدولية.

نذكر من بين هؤلاء أسماءً لامعة مثل الدكتورة آمنة نصير التى رفعت صوت الفكر الوسطى والمستنير، وأنيسة حسونة التى كانت صوتًا للعدالة الاجتماعية ومحاربة الفساد، التى تميزت فى طرح قضايا المرأة والأسرة بجرأة واحترام.

إن اختزال مسيرة المرأة النيابية فى مشهد سوداوى مسىء هو خيانة لحقيقة أن هؤلاء السيدات لم يصلن بأموال أو صفقات، بل بالاجتهاد، والعلم، والكفاءة، وثقة الناخبين.

المرأة المصرية لم تكن يومًا مجرد تابع أو سلعة، بل كانت ولاتزال صانعة للأحداث، قائدة للتغيير، مناضلة من أجل حقوقها وحقوق وطنها. فكيف يجرؤ البعض على تشويه هذا التاريخ المجيد بعبارات تنم عن احتقار واستعلاء مرفوض؟.

إن كرامة المرأة ليست موضوعًا للنقاش أو التفاوض. هى مسألة مبدأ، ومسؤولية مجتمع بأسره. ومن غير المقبول أن تُستخدم المرأة كذريعة لتبرير الفساد أو كمادة للسخرية والاتهامات الرخيصة. بل يجب أن تكون شريكة فى محاربته، لا ضحية له.

المجتمع الذى لا يحترم نساءه، لا يُرجى له تقدم. والذين يحاولون النيل من المرأة هم أنفسهم من يقفون حائلًا أمام نهضة الوطن. حان الوقت لنعيد الاعتبار للمرأة المصرية، لا بالشعارات الرنانة، بل بحماية صورتها من التشويه، وتقديم القدوة الحقيقية من نساء هذا الوطن.

فلنرفع الصوت عاليًا: كرامة المرأة خط أحمر، ومسؤولية وطنية لا تقبل التفريط.
نقلا عن المصري اليوم