بقلم: شريف منصور
في الوقت الذي يعاني فيه المواطن المصري من صعوبات اقتصادية متزايدة، وتُثقل كاهله الضرائب، والتضييق على المشروعات الصغيرة، تبرز تساؤلات مشروعة حول ظواهر مقلقة تتعلق بكيفية إدارة الدولة المصرية لشؤونها، لا سيما ما يخص وجود استثمارات أجنبية – وعلى رأسها استثمارات الجالية السورية – التي نمت وتوسعت بشكل ملفت في السنوات الأخيرة، غالبًا في ظل غياب واضح للرقابة والتصاريح القانونية.
الشارع المصري يتساءل: من أين جاءت الملايين التي أسس بها السوريون مشروعاتهم؟ هل تم إدخال هذه الأموال عبر القنوات الرسمية؟ وهل خضعت لرقابة البنك المركزي وفقًا لقوانين مكافحة غسل الأموال؟ أم أن هناك استثناءات سياسية أو إدارية تسهّل دخول الأموال دون رقابة، تحت ذريعة دعم اللاجئين أو جذب الاستثمارات؟
أغلب هذه المشاريع – من مطاعم ومقاهٍ إلى مصانع ومحال تجارية – إما تعمل دون ترخيص، أو بتراخيص صادرة بطرق مشبوهة. لا اشتراطات أمنية، لا موافقات صحية، ولا التزام بالمعايير البيئية. في المقابل، المواطن المصري يُلاحق بسبب "كشك صغير" على الرصيف.
كيف يسمح لهذه المشاريع بالعمل دون رقابة؟ ومن يغمض عينيه عن مخالفاتها؟ وهل أصبحت بعض الجنسيات في مصر فوق القانون؟
عدد من المحال تبيع سلعًا ومنتجات غير معروفة المصدر، مما يطرح تساؤلات حول كيفية دخولها إلى مصر. هل دخلت عبر الجمارك؟ هل دفعت الضرائب والرسوم؟ وإن لم تفعل، فمن المسؤول عن هذا التهريب المقنّع؟
أما عن العمال، فالكثير منهم لا يتمتع بأي نوع من الحماية القانونية. لا تأمين صحي، لا تأمين اجتماعي، لا رقابة من وزارة القوى العاملة. هذا لا يشمل فقط العمال السوريين، بل المصريين العاملين معهم أيضًا، مما يخلق سوق عمل غير رسمي وغير منظم يضرب استقرار الدولة الاقتصادي والاجتماعي في الصميم.
ما يجري يكشف عن خلل مزدوج:
- من جهة، فشل إداري في الرقابة والتخطيط، وترك الحبل على الغارب في ملف شديد الحساسية.
- ومن جهة أخرى، ازدواجية واضحة في تطبيق القانون، حيث يُحاسب المواطن المصري على كل صغيرة وكبيرة، بينما تُترك جهات ومشاريع كاملة دون محاسبة.
إن غياب الشفافية، والتراخي الأمني، والسكوت عن المخالفات، يطرح سؤالًا وجوديًا حول مستقبل دولة القانون في مصر. هل ما زالت الدولة تحكم بالقانون أم بالاستثناء؟ وهل المواطن المصري مواطن درجة ثانية في بلده؟
المطلوب اليوم ليس كراهيةً لأحد، بل عدالة، ومساواة، وشفافية. والمطلوب من الدولة أن ترد بوضوح على تساؤلات الناس، لا أن تكمم أفواههم.