بقلم: هاني صبري

المسيح قام… حقًا قام
إن قيامة السيد المسيح من بين الأموات لم تكن مجرد عودة إلى الحياة كما حدث مع أشخاص مثل لعازر، بل هي حدث فريد ومُعجزي، قام فيه المسيح بجسده الذي وُلِد به، وصُلب ومات، ثم انتصر على الموت بقوة لاهوته. لقد صار المسيح باكورة القيامة ونموذجًا لحياة جديدة، لا يغلبها الموت ولا يعتريها الفساد. فهو “بكر كل خليقة”، وفيه خُلِق الكل، وقيامته شهادة لقبول الذبيحة التي قدّمها عن البشرية.

إذ لم يكن من الممكن أن يتحقق خلاص الإنسان دون الوفاء بمتطلبات العدل الإلهي، الذي قضى بأن “أجرة الخطية هي الموت”. لذلك، تجسّد المسيح، وأخلى ذاته، آخِذًا صورة عبد، صائرًا في شبه الناس، ووضع نفسه وأطاع حتى الموت، موت الصليب، فصار الذبح الكفاري عن خطايا البشرية.

والاعتراف بقيامة المسيح يتضمن الإيمان بموته، وهذا هو طريق الخلاص، كما يقول الكتاب المقدس: “لأنك إن اعترفت بفمك بالرب يسوع وآمنت بقلبك أن الله أقامه من الأموات، خَلَصت” (رومية 10: 9).

إن الإيمان بقيامة المسيح هو إعلان للإيمان بالله، خالق الكون، القادر على إقامة الأموات، فهو وحده الغالب للموت، المنتصر على القبر. وبقيامته، أعلن المسيح سلطانه المطلق على الحياة والموت، وأثبت لاهوته، وصدق أقواله، وحقق عمل الفداء الكامل.

قيامة المسيح هي ركيزة الإيمان المسيحي، إذ أن المسيحية تنفرد بأن مؤسسها انتصر على الموت، ووعد أتباعه بالغلبة والحياة الأبدية. نحن نؤمن بإله تجسد، ومات عن خطايانا، ثم قام في اليوم الثالث، والقبر لم يستطع أن يحتجزه، فهو حيّ إلى الأبد، جالس عن يمين الآب في السماء.

لا يمكن إنكار حقيقة القيامة، فهي من أكثر الأحداث التاريخية إثباتًا، ونحن شهود على ذلك. فالكنيسة التي أسّسها المسيح هي كنيسة حيّة، لأن رأسها حي، ومَن يتبع المسيح يسير نحو الحياة الأبدية، متمسكًا بالرجاء المبارك، ونعيم السماء.

القيامة ليست حدثًا ماضيًا فحسب، بل هي شركة حيّة نحياها مع الآب ومع ابنه يسوع المسيح، لنحيا الفرح الكامل، كما اختبرها التلاميذ يوم اسْتُعْلِنَتْ لهم القيامة. إنها تعني الغلبة على الخطية والموت، ولهذا يقول الرسول بولس: “عالمين هذا أن إنساننا العتيق قد صُلِب معه ليُبطَل جسد الخطية، كي لا نُستعبَد للخطية فيما بعد” (رومية 6: 6).

حين نسير مع المسيح في طريق الجلجثة، ونتأمل في محبته العظيمة التي حملت خطايانا، نختبر عمق فدائه، وغفرانه، والحياة الجديدة التي وهبنا إياها. إنها حياة النصرة والغلبة، التي تقودنا إلى أن نحيا له، وبه، وفيه.

الرب يسوع المسيح هو عيدنا الحقيقي، “لأن فصحنا المسيح قد ذُبح لأجلنا” (1 كورنثوس 5: 7). هو فادينا، وراعينا، ورئيس كهنتنا الأعظم، والطريق والحق والحياة. هو فرحنا، ومخلصنا، والرفيق الأبدي الذي لا يتركنا أبدًا.

وبمناسبة هذه الأيام المقدسة، نرفع صلواتنا إلى الرب ليحفظ وطننا الغالي، وينشر السلام العادل والشامل في جميع أرجاء العالم.

وكل عام، وشعب مصر العظيم، والإنسانية كلها، بخير وسلام.