الأب جون جبرائيل الدومنيكانيّ
خطى الكرادلة ترتطم برخام القاعة كما لو كانت صدى لقرونٍ من الأسئلة.
الكاردينال مابوتو نجالا من الكونغو يسير بثبات مَنْ يعرف أنّ إفريقيا ليست ضيفًا في بيت الخلاص. أفريقيا لا تنتظر الإذن حتّى تصنعَ التاريخ.
إلى جواره، الكاردينال نجوين تيان، رئيس أساقفة هانوي، ڤييتنام الشيوعيّة، يحمل صليبًا خشبيًّا نُحت في زنزانةٍ تحت الأرض.
لكنّ الأنظار كلّها صوب الكرسي الخالي في الزاوية، فوقه ملفٌّ مغلقٌ لا اسم عليه، مكتوب عليه فقط: "In pectore." "كاردينالٌ تحت السرّ الـبابويّ"
همس كاردينالٌ إيطاليّ:
– هو الكاردينال السرّيّ الذي أخفاه البابا فرنسيس في قلبه.
سأله آخر بدهشة:
– لا بد أنّه من الصين! في عهد الرقابة الشاملة؟ هذا جنون!!
المشهد الثاني – جلسةٌ مغلقة
وقف مابوتو وقال:
– المسيحيّة كما تعيشها الكاثوليكيّة تعني أن تكون الكنيسة من كلّ الأمم، لا فوقها. يسوع لم يكن أوروبيًّا.
صفّق البعض، تمتم آخرون...
قال نجوين تيان بهدوء:
– نحن جرحى لا نحتاج لعرش، بل لمَنْ يعرف الصلاة في الزنازين.
فُتِح الملفّ. الاسم: لي شين داو – كاردينالٌ غير مُعلن، من كنيسةٍ سريّة في وسط الصين.
المشهد الثالث – إعلان البابا الجديد
الدخّان الأبيض يتصاعد. الكاميرات تلتقط اللحظة.
خرج الكاردينال الأكبر وقال: "Habemus Papam...
"لدينا بابا" اختار السادة الكرادلة، ليكون البـابـا الكاردينال لي شين داو... الذي اختار اسم: "يوحنّا الرابع والعشرون."
ذهول.
البابا... صينيّ؟!
المشهد الرابع – بكّين، مقرّ الحزب الشيوعي
في غرفة مغلقة، جلس مسؤول المكتب الأيديولوجي أمام الأعضاء.
قال ببرود:
– هل البابا يتكلّم الماندرين؟
ردّ مساعده:
– ليس هذا فقط... لكنّه يتكلّم لغة أخطر: لغة الجيّاع.
قال المسؤول:
– ربما لن يسمع الشعب يسمع صوته لأنّه قويّ... بل لأنّه من صمتٍ يشبههم.
ثم أضاف بابتسامة باهتة:
– من الآن فصاعدًا... الكنيسة في الأراضي الصينيّة سنضاعف عليها المراقبة.
المشهد الخامس – ساحة القدّيس بطرس – أوّل خطاب للبابا يوحنّا الرابع والعشرين
وقف البابا الجديد، بملامحه الصينيّة، صوته خافت كأنّه آتٍ من المقابر، قصيرًا، بالكاد يظهر أمام سور شرفة القصر البابويّ!
قال:
"إخوتي وأخواتي...
جئتُ من كنيسةٍ صامتة، مختبئة، ممنوعة، كنيسة تُصلّي تحت الأرض... لا لكي تطلب امتيازات، بل لأنّها آمنت أنّ الصمت صلاة، وأنّ القمع لا يُخرس الرجاء.
لقد مات كثيرون في سجونٍ لم تُكتب أسماؤهم على الجدران، لكنّهم كتبوا الإنجيل بدموعهم.
لن أكون بابا القصور... بل شاهدًا للذين لا يُسمَع صوتهم.
من اليوم، ليتكلّم الفقراءُ... لتتكلم أسيا، ليتكلم المسجونون، وليسكت أصحاب العروش قليلاً."
المشهد السادس – بكّين، الردّ الرسميّ
قال الناطق باسم الحزب الشيوعيّ الصينيّ في مؤتمرٍ صحفيّ مختصر:
– لا تعليق على شؤون المؤسسات الدينيّة الأجنبيّة.
لكن في غرفة خلفيّة، دار حوار مختلف:
قال مسؤول الأمن الداخلي:
– البابا الجديد يتكلّم عن المضطهدين... والمقصود واضح.
ردّ الآخر بقلق:
– أخشى أن يُشعل نارًا لا تُرى... كالتي يسمّونها الصلاة.
المشهد السابع – قريةٌ نائية في الصين، كنيسةٌ تحت الأرض
امرأة مسنّة تمسك مسبحتها، تنظر إلى صورة على شاشةٍ مهتزة.
تقول لابنتها:
– ولدنا... صار بابا.
الطفلة تنظر إليها، ثم تهمس:
– يعني هذا أنّ الله لا ينسي أسيا؟