الأب جون جبرائيل الدومنيكانيّ
لم تُقرَع أجراس الفاتيكان فقط، بل ارتجّت قلوبٌ في أقاصي الأرض.
 
رحل الراعي الذي أحبّ رعيّتَه، وخرج إلى الهوامش لا ليحكم، بل ليَمسح جبين المنسيّين ويدافع عن المظلومين والفقراء، ليمدّ جسورًا بين الأديان.
 
لم يكن قدّيسًا من حجر، بل إنسانًا من لحم ودم، يتعثّر  في اللغات حيث لم يتقن إلا الإيطاليّة غير لغته الأمّ الإسبانيّة، وهو ينطق بألم الشعوب، ويبتهل باسمهم إلى إلهٍ لا يُحبّ الأسوار.
 
حين رحل البابا فرنسيس، لم تنكسر قلوب الكاثوليك وحدهم، بل كل من رآه يُصلّي في صمت، أو يضحك كطفل، أو يغضب كالأنبياء.
 
بكته أمٌّ فقيرة في أطراف الأرجنتين، ونازحٌ في مخيّم، وسجينٌ نسيه العالم.
 
بكاه مسلمٌ يعرف أنّ الله أكبر من الحدود، ويهوديٌّ سمع فيه صدى أنبيائه، وملحدٌ شعر، ولو للحظة، أنّ للرحمة وجهًا يمكن أن يُصدّق.
 
لكن، في الزاوية، بقي دينٌ لا يحزن ولا يبكي، بل يظهر سمومَه: "دينُ التعصّب".
 
دينٌ لا يُؤمن بالإنسان، ولا يعرف الله إلّا قاضيًا غاضبًا.
 
أتباعه كُثر، يرفعون رايات "الحقّ"، ويُسقطون منها كل من لا يُشبههم.
 
يلونون دينهم بأسماء مختلفة ولكنّه يبقي دينًا موحَّدًا، دينَ التعصّب ورفض الآخر.
 
فرنسيس، الذي حمل اسم القدّيس الفقير من أسيزي، مضى كما جاء: بسيطًا، صادقًا، عابرًا نحو بيت الآب.
 
لكنّه، ككلّ مَن يشبه المسيح، ترك أثرًا لا يُمحى، وسؤالًا لا يسقط:
 
هل  نجرؤ، حين نتذكّره، على الإيمان بإله الفقراء والسلام والمحبـّة... لا إله الامتيازات الدينيّة أو العقيديّة أو العرقيّة؟