كمال زاخر
لم اكن اتصور ان جبل الجليد بهذا الحجم وبهذا
القدر من العمق، فقمته الظاهرة فوق سطح المياه لم تكن تنبئ بهذا، لكن سفناً عديدة اصطدمت به وكادت أن غرق'>تغرق، وبعضها غرق بالفعل.
بامتداد نحو ثلاثة عقود شرعت قلمى وفردت صفحاتى على وجه المياه سابحاً ضد التيار متحصناً بدروع صنعها أبى منذ صباى وصقلتها كنيستى الصغيرة فى ذلك الحى القاهرى المفعم بالحياة والحيوية، وأكملت صُنعها تنويعات مصرية اصيلة وجدتها فيما توفر من ابداعات ادباء عصر شبابى فى دوائر الحياة العامة والكنسية، والتى اسغرق'>تغرقتنى ونقلتنى الى انهار المعارف العذبة، ولم يكن ينافسها سوى الراديو فى عصره الذهبى. قبل ان تباغتنا تطورات الإعلام والتواصل المبهرة التى تشبه نداهة يوسف ادريس المبدع.
الذى جذب قلمى الى دوائر الشأن الكنسى صدمة المفارقة بين الصورة الطوباوية المخملية التى وقرت فى ذهنى والتى شكلتها كتابات وحكايات كنيسة الآباء وبين واقع معيش تنهشه الصراعات وبعض من تحالفات متآمرة، وشح فى البراءة والنقاء، واختراقات مصالح ضيقة، واستبعاد سلطوى للمستنيرين، لم ينقصه تشويههم عند رعية تم استلاب وعيها بتعاليم تغازل عاطفتها الشعبوية اسغرق'>تغرقتهم فى الغيبيات واحاديث المعجزات.
غاب الآباء وغابت حكمتهم وتوارى عمقهم اللاهوتى الذى اسهم فى بلورة وعى الكنيسة الجامعة، ليحل محلهم مغامرون يبحثون عن تحقق لم يجدوه فى عوالمهم خارج الكنيسة، فى تحولات رصدتها فى مشوار كتاباتى، ووثقتها فيما اصدرت من كتب.
كنت أظن إنها طبيعة مراحل الاستفاقة وسعى استرداد وهج تولى، ومجد تليد طمرته عصور اضمحلال، لكن اقدامنا لم تهتد بعد للتصالح مع ذاك الوهج ولا مع المجد الغائب، حتى مع بارقة الأمل التى ومضت مع اجيال تالية، لكن واقعها يقول انها تملك رؤية ولا تملك إرادة الفعل، ويبدو أن مشوار الاستفاقة واسترداد المسلوب مازال طويلاً. ربما يتحقق غداً أو بعد غد.
لا نملك إلا أن نصلى مع الكنيسة ولأجلها بلا كلل
أيها الرب إله
القوات ارجع واطلع
من السماء، انظر
وتعهد هذه الكرمة،
اصلحها وثبتها هذه
التي غرستها يمينك.
فلتكن رحمتك وسلامك
حصنا لشعبك.