بقلم: [سعيد معوض ]
نعيش اليوم وسط واقع مليء بالتناقضات، حيث تتزايد المظاهر الحضارية من حولنا، لكن في المقابل، تسير إنسانيتنا في طريق مظلم تقوده ثلاث أزمات رئيسية: أزمة أخلاقية، أزمة دينية، وأزمة اجتماعية.
وفي ضوء تعاليم المسيح له المجد، يصبح من الضروري أن نُمعن النظر في هذه الأزمات، لا لنُدين، بل لنعالج الجراح التي أصابت روح هذا المجتمع.
أولًا: أزمة أخلاقية… حين غاب الاحترام
لقد صار الاحترام عملة نادرة في الشارع، وفي البيت، وحتى في المؤسسات. كلمات مثل "من فضلك" و"شكرًا" اختفت تدريجيًا، لتحل محلها نبرة عنف، ولهجة سخرية، وتعالٍ غير مبرر. المسيح علّمنا أن "كل ما تريدون أن يفعل الناس بكم، افعلوا هكذا أنتم أيضًا بهم" (متى 7: 12). فكيف نتوقع أن يُحترم الإنسان، إن كنا لا نزرع بذور الاحترام في قلوبنا أولًا؟
ثانيًا: أزمة دينية… تدين شكلي بلا روح
المظاهر الدينية أصبحت جزءًا من الروتين اليومي، لكن هل نعيش فعلاً ما نعلنه؟ هل نُجسّد المحبة والغفران كما علّمنا السيد المسيح؟ كثيرون يُصلّون ويصومون، لكن القلوب متحجرة، والعلاقات مليئة بالحقد والخصام. يقول الكتاب المقدس: "هذا الشعب يُكرمني بشفتيه، أما قلبه فمبتعد عني بعيدًا" (متى 15: 😎. الإيمان الحقيقي لا يُقاس بعدد الصلوات، بل بعمق المحبة والاتضاع.
ثالثًا: أزمة اجتماعية… أين ذهبت الرحمة؟
في زمن المسيح، كانت الرحمة هي العلامة الفارقة في كل معجزة وكل كلمة نطق بها. أما اليوم، فنجد اللامبالاة تحل محل التعاطف، والأنانية تسود في العلاقات. المحتاج يُهمَل، والمظلوم يُسكت، والضعيف يُهان. لقد نسى الناس وصية السيد: "كونوا رحماء كما أن أباكم أيضًا رحيم" (لوقا 6: 36).
نحن لا نكتب هذا المقال لإدانة أحد، بل لندعو إلى نهضة روحية حقيقية، تبدأ من الداخل، من القلب، من العلاقة الصادقة مع الله. فلنعد إلى جوهر الإيمان، إلى المحبة الصافية، إلى احترام الآخر، ولنصنع مجتمعًا يُشبه نور المسيح، لا ظلام العالم.