فادي حنا
بمناسبة انتخاب البابا ليون الرابع عشر
مقتطفات من مقابلة معه (الكاردينال روبيرت فرنسيس بريفوست) في 4 مايو 2023 عندما تم تعيينه كعميد لدائرة الأساقفة في الفاتيكان.

هل يمكنك رسم صورة مثالية للأسقف في كنيسة عصرنا؟
أولاً يجب أن يكون كاثوليكياً. أحياناً يوجد خطر في أن يركز الأسقف فقط على البعد المحلي، لأنه يجب أن يكون لديه رؤية أوسع للكنيسة وللواقع ويختبر عالمية الكنيسة. يجب أن يكون قادراً أيضاً على الاستماع وطلب المشورة، ويجب أن يكون ناضجاً نفسياً وروحياً. أحد العناصر الأساسية هو أن يكون راعياً قادراً على أن يكون قريباً من المجتمع، بدءاً من الكهنة، حيث يكون الأسقف أباً وأخاً لهم. يجب أن يعيش هذا القرب مع الجميع دون استثناء.

السلطة التي لدى الأساقفة هي خدمة، أن نكون رعاة ومعلمين. نحن غالباً منشغلون بتعليم العقيدة، لكننا نخاطر بنسيان أن مهمتنا الأولى هي أن نُعلّم ما يعنيه معرفة يسوع المسيح وأن نشهد على قربنا من الرب. هذه هو الأولوية: نقل جمال الإيمان، جمال وفرح معرفة يسوع. وهذا يعني أننا يجب أن نعيشه بأنفسنا ونشارك هذه التجربة.

ماذا يعني لك الانتقال من أسقف مبشّر في أمريكا اللاتينية إلى رئيس دائرة الفاتيكان التي تساعد البابا في اختيار الأساقفة؟
ما زلت أعتبر نفسي مبشراً، فدعوتي هي مثل دعوة كل مسيحي، أن أكون مبشراً أن أنقل الإنجيل أينما كنت. بالتأكيد تغيرت حياتي كثيراً ولدي الآن فرصة لخدمة الأب الأقدس، لخدمة الكنيسة، هنا، من داخل الكوريا الرومانية. إنها مهمة مختلفة تماماً عن السابقة، لكنها أيضاً فرصة جديدة لأعيش بُعداً من حياتي، وهو أن أقول “نعم” دائماً عندما أُطلب للخدمة. بهذا الروح أنهيت مهمتي في بيرو، بعد ثماني سنوات ونصف كأسقف، وما يقرب من عشرين عاماً كمبشّر، لأبدأ مهمة جديدة في روما.

ما مدى أهمية خدمة الأسقف في تعزيز الوحدة حول خليفة بطرس في زمن تزداد فيه الاستقطابات حتى داخل المجتمع الكنسي؟
الكلمات الثلاث التي نستخدمها في عمل السينودس، المشاركة والشركة والرسالة، تقدم الجواب. الأسقف مدعو لعيش روح الشركة، وتعزيز الوحدة في الكنيسة، والوحدة مع البابا. هذا أيضاً هو  جزء من كونه كاثوليكياً، لأنه أين تكون الكنيسة بدون بطرس؟ في العشاء الأخير، صلى يسوع قائلاً: لكي يكونوا جميعاً واحد، وهذه الوحدة هي ما نتمناه للكنيسة. اليوم، المجتمع والثقافة تبعدنا عن هذه الرؤية التي أرادها يسوع، وهذا يسبب أضراراً كبيرة. نقص الوحدة هو جرح تعاني منه الكنيسة، جرح مؤلم جداً. الانقسامات والجدل داخل الكنيسة لا تساعد أبداً. نحن الأساقفة بالذات علينا تسريع هذه الحركة نحو الوحدة والشركة داخل الكنيسة.

إحدى الابتكارات التي أدخلها البابا فرنسيس كانت تعيين ثلاث نساء كأعضاء في دائرة الأساقفة. ما رأيك في مساهمتهن؟
لقد رأينا بالفعل أكثر من مرة أن وجهات نظرهن تشكل إثراءً حقيقياً. اثنتان منهن راهبتان وواحدة علمانية، وغالباً ما تكون آراؤهن متوافقة تماماً مع آراء الأعضاء الآخرين في الدائرة، وأحياناً تقدم منظوراً مختلفاً يساهم بشكل مهم في النقاش. أعتقد أن تعيينهن ليس مجرد إشارة من البابا للإعلان عن وجود نساء في الدائرة، بل هو مشاركة حقيقية وذات معنى. إنهن يقدمن مساهمات قيمة في اجتماعاتنا عند مناقشة ملفات المرشحين.

الكنيسة في مسار يقود إلى سينودس حول “السينودالية”. ما هو دور الأسقف في هذا السياق؟
في هذا التجديد المستمر للكنيسة، الذي يدعونا البابا فرنسيس لتعزيزه تكمن فرصة كبيرة. من جهة هناك أساقفة يعبرون بصراحة عن قلقهم لأنهم لا يفهمون إلى أين تتجه الكنيسة. ربما يفضلون الأمان في الأجوبة التي خبروها في الماضي. لكني أؤمن حقاً أن الروح القدس حاضر بقوة في هذه المرحلة في الكنيسة ويدفعنا نحو التجديد، ولهذا نحن مدعوون إلى مسؤولية كبيرة: أن نعيش ما أسميه “موقفاً جديداً”. الأمر لا يتعلق فقط بعملية تنظيمية أو تغيير بعض الأشياء كإقامة اجتماعات أكثر قبل اتخاذ قرار. إنه أعمق بكثير من ذلك، وربما هذا ما يسبب بعض الصعوبات، لأننا في الأساس بحاجة إلى أن نصغي للروح القدس، لنفهم ما يطلبه منا في هذه المرحلة.

كيف ترى علاقة الأسقف بوسائل التواصل الاجتماعي؟
وسائل التواصل الاجتماعي يمكن أن تكون أداة مهمة جداً لنقل رسالة الإنجيل والوصول إلى آلاف الناس. يجب علينا أن نكون مستعدين لاستخدامها بشكل جيد، وأخشى أن هذه الاستعدادات أحياناً تكون غير كافية. في الوقت نفسه يضعنا العالم اليوم، والذي يتغير باستمرار، في مواقف تجعلنا نفكر ملياً قبل أن نتحدث أو نكتب تغريدة، أو حتى نطرح سؤالاً بشكل علني أمام الجميع. أحياناً يكون هناك خطر في تأجيج الانقسامات والجدالات. هناك مسؤولية كبيرة في استخدام هذه الوسائل بشكل صحيح، فهي تحمل فرصة كبيرة، لكنها أيضاً تشكل خطراً، وقد تلحق ضرراً بجماعة الكنيسة. لهذا يجب أن نكون حذرين جداً عند استخدامها.