محرر الأقباط متحدون
"في زمننا هذا، الذي تطبعه الانقسامات والنزاعات والمعاناة، ندرك الحاجة الملحّة إلى حوار تحريري، لا يقتصر على الكلمات بل يتحوّل إلى أفعال ملموسة من أجل السلام والعدالة وكرامة كل إنسان" هذا ما كتبه عميد الحوار بين الأديان'> دائرة الحوار بين الأديان في رسالته بمناسبة عيد الفيساك البوذي
بمناسبة عيد الفيساك البوذي، الذي يخلّد أبرز المحطات في حياة بوذا، وجّهت الدائرة الفاتيكانية التي تُعنى بالحوار بين الأديان رسالة تهنئة إلى البوذيين في مختلف أنحاء العالم، تحت عنوان: "البوذيون والمسيحيون في حوار تحريرٍ من أجل زمننا الحاضر"؛ حملت الرسالة توقيع عميد الدائرة الكاردينال جورج جاكوب كوواكاد وجاء فيها: أيها الأصدقاء البوذيون الأعزاء، كما في الأعوام الماضية، يسعدنا أن نوجّه إليكم أطيب تحياتنا وأصدق تمنياتنا بمناسبة الاحتفال المفرح بعيد الفيساك. إنّ هذا العيد المقدّس، الذي يخلّد ميلاد بوذا وتنويره ورحيله، يحمل لكم معاني روحية عميقة. وتكتسب تهانينا هذا العام بُعدًا أعمق في ظل روح اليوبيل، الذي يُشكّل لنا نحن الكاثوليك زمنًا للنعمة والمصالحة والتجدد الروحي.
تابع الكاردينال كوواكاد يقول كشركاء يسيرون معًا في درب الحوار، نحيّيكم أيضًا بروح الوثيقة المجمعية "في عصرنا"، الإعلان التاريخي الصادر عن المجمع الفاتيكاني الثاني حول علاقة الكنيسة بالأديان غير المسيحية، والذي نحتفل هذا العام بذكراه الستين. فمنذ صدوره عام ١٩٦٥، عمّق هذا الإعلان التزامنا مع أتباع التقاليد الدينية الأخرى. واستلهامًا من رؤيته، نعيد التأكيد من جديد على أن "الكنيسة الكاثوليكية لا ترفض شيئًا مما هو حق ومقدّس في الديانات الأخرى، بل تنظر بعين التقدير إلى طرق العيش والسلوك، والتعاليم والمبادئ التي، وإن اختلفت في كثير من الجوانب عن تعليم الكنيسة، إلا أنها كثيرًا ما تعكس شعاعًا من تلك الحقيقة التي تنير جميع الرجال والنساء".
أضاف عميد الحوار بين الأديان'> دائرة الحوار بين الأديان يقول ويزداد التزامنا بالحوار وضوحًا في التقدير الإيجابي الذي أبدته الوثيقة المجمعية "في عصرنا"، تجاه تقليدكم الروحي، إذ تقول: "إن البوذية، بأشكالها المتعددة، تشهد على هشاشة هذا العالم المتغيّر، وتقترح مسار حياة يمكن للناس من خلاله، بثقة ورجاء، أن يبلغوا حالة التحرر الكامل ويصلوا إلى النور الأسمى، سواء عبر جهودهم الشخصية أو بمعونة إلهية". فبالنسبة لكم، إنّ طريق التحرر البوذي يعني تجاوز الجهل والرغبة والألم، من خلال البصيرة والسلوك الأخلاقي والانضباط الذهني. والسير نحو النيرفانا، أي التحرر الكامل من دورة الولادة والموت والتجدد، يُبرز قدرة الحكمة والرحمة على التحويل والتغيير.
تابع الكاردينال كوواكاد يقول ويجد هذا التوق العميق إلى التحرر الحقيقي صدى كبيرًا في سعينا المشترك نحو الحقيقة وملء الحياة، وهو ينسجم مع تعاليم تقاليدنا على حدّ سواء. فقد علّم بوذا قائلاً: "من تحرّر من الشهوة والتعلّق، وكان كاملاً في فهم المعنى العميق للتعليم، وعارفًا لترتيب النصوص المقدسة حسب النظام الصحيح، فهو بالحقيقة حامل جسده الأخير، ويُدعى بالحكيم العظيم". أما يسوع المسيح فقد قال: "تعرفون الحق، والحق يحرّركم". وفي زمننا هذا، الذي تطبعه الانقسامات والنزاعات والمعاناة، ندرك الحاجة الملحّة إلى حوار تحريري، لا يقتصر على الكلمات بل يتحوّل إلى أفعال ملموسة من أجل السلام والعدالة وكرامة كل إنسان.
أضاف عميد الحوار بين الأديان'> دائرة الحوار بين الأديان يقول وكما كان الحال عند صدور الوثيقة المجمعية "في عصرنا"، فإن عالمنا اليوم مثقل أيضًا بالظلم والصراعات والغموض بشأن المستقبل. ومع ذلك، لا نزال نؤمن إيمانًا عميقًا بقدرة الأديان على تقديم إجابات ذات معنى لـ "ألغاز الوجود الإنساني التي لم تُحلّ". وبالتالي فالحوار الذي يجمع بيننا يُشكّل وسيلة لتبادل كنوز تقاليدنا الدينية، والاستفادة من حكمتها لمواجهة التحديات المُلحّة التي يعاني منها عصرنا.
تابع الكاردينال كوواكاد يقول إنّ التوق إلى الأخوّة والحوار الصادق، الذي عبّرت عنه الوثيقة المجمعية "في عصرنا" ببلاغة، يدفعنا إلى السعي من أجل الوحدة والمحبة بين جميع الشعوب والأمم. كما يدعونا إلى البناء على القواسم المشتركة، وتقدير اختلافاتنا، واستلهام غنى التنوع الذي تحمله تقاليدنا المختلفة. ويزداد عمق هذا الروح كلما سعينا إلى تبنّي ثقافة الحوار كنهج مستقبلي، يتأسّس على "التعاون المتبادل كقاعدة للسلوك، والتفاهم المتبادل كأسلوب ومعيار".
وختم الكاردينال جورج جاكوب كوواكاد عميد الحوار بين الأديان'> دائرة الحوار بين الأديان رسالته بالقول مع هذه التأملات النابعة من القلب والمفعمة بالصلاة، نأمل بإخلاص أن تتمكن تقاليدنا، من خلال الحوار، من تقديم أجوبة جديرة بالتحديات التي يواجهها عالمنا اليوم. نتمنى لكم احتفالًا مباركًا ومثمرًا بعيد الفيساك!