د. وسيم السيسي
بدعوة كريمة من أ. د. أيمن صلاح، مدير مستشفى مصر للطيران، هذا الطبيب الإنسان، أستاذ طب العيون، الذى أحب الناس جميعًا فأحبه الناس جميعًا، والذى نهض بالمستشفى نهضة غير مسبوقة بسبب كفاءته ونزاهته، تحت رعاية وزير الطيران المدنى سامح أحمد زكى، الذى يقع فى هواه كل مَن يراه بسبب محبته وتواضعه، كان حفل الختام للمؤتمر الذى تشرف بوجود أ. د. محمد عوض تاج الدين، أ.د. أسامة عبدالحى، نقيب الأطباء، وغيرهما من أعلام الطب والصحافة. حدثتهم عن العلامة التى نضعها على روشتاتنا الطبية أو تذاكرنا الطبية قبل كتابة الدواء، هذه العلامة إنما هى عين حورس، ولها قصة.

كانت المعركة بين حورس وعمه الشرير SET، ويقال إن كلمة شيطان جاءت من SET ولكن الأستاذ العقاد يرى أنها جاءت من «شاط» أى احترق، من شطن أى أخذ الجانب الآخر من الخير وهو الشر!. المهم أن ست تنكر على هيئة خنزير أسود وفقأ عين حورس، جاء تحوت، رب العلم والمعرفة، وأعاد لحورس عينه، وحين يضع الطبيب هذا الرمز، «عين حورس»، قبل كتابة الدواء، فهذا وعد من الطبيب للمريض: أعيد إليك صحتك كما عادت إلى حورس عينه.

الجميل أن مصر هى أول مَن حرَّم أكل لحم الخنزير لأنه رمز للشر، أخذ العبرانيون من مصر كل شىء حتى ختان الذكور وتحريم أكل لحم الخنزير. نجد فى المسيحية أن السيد المسيح أخرج أرواحًا شريرة من مريض، خرجت منه، ودخلت فى قطيع من الخنازير، اندفعت وماتت فى النهر.

جاء اليونانيون ومن بعدهم الرومان، أخذوا من مصر الكثير، ونسبوه لأنفسهم، كيمياء مثلًا من Chemistry والاثنان من كميت، أى مصر، أى التربة السوداء، فأطلق اليونانيون هذا الاسم بمعنى العلم الأسود لأنهم شاهدوا براعة المصريين فى هذا العلم العظيم، بل أخذوا كلمة مصرية قديمة، وهى «فارما كا»، أى بيت الشفاء والصفاء «الطب فى مصر القديمة- بول جليونجى- صفحة ١٠٠»، وقالوا إنها كلمة يونانية والتى جاءت منها فارماكولوجى «علم الأدوية»، فارماسى أى صيدلية، فارما سيست أى صيدلى، فارما كوكنازى، أى علم النباتات الطبية.. إلخ.

لم تسلم عين حورس من هذه السرقة، أخذها الرومان، وقالوا إن هذا الرمز من كلمة لاتينية recipe أى خذ أو تناول «هذا الدواء» وإذا كان حورس رمزا للخير والصحة، نحن أيضًا لدينا Jupter جوبتر رب الصحة، ووضعوا اسمه على كوكب المشترى.

جدير بالذكر أن مصر عرفت الكواكب السبعة التى كتب عنها إخوان الصفا وخلان الوفا، وقالوا إن الساعة الأولى من نهار الأحد للشمس، والاثنين للقمر، والثلاثاء لمارس، والأربعاء لعطارد، والخميس للمشترى، الجمعة للزهرة، والسبت لزحل، فكان الخميس Jude من جوبتر أى المشترى، أو Tursday أو ثور أى رب الفنون عند أمم الشمال، لم تسلم آثار مصر من أيدى اللصوص، بل أيضًا علومها وحضارتها، حتى البلهارسيا التى عرفتها مصر باسم عاع، الدودة حررت، والدواء أنتيمون، وكانت مصر تصنعه على هيئة لبوسات شرجية، جاء تيودور بلهارز وقرأ البرديات المترجمة، وقرأ عن استخدام الأنتيمون كعلاج، فجعله حقنًا فى الوريد وهو الطرطير Antimony - Tartrat. ولو كنا استخدمنا اللبوسات بدلًا من الحقن لما فتك بنا فيروس C بهذا الشكل المريع، والذى قضت عليه الدولة سنة ٢٠١٨، عالجت ٤ ملايين مريض مجانًا، انخفضت الإصابة إلى ١٪.
نقلا عن المصري اليوم