محرر الأقباط متحدون
أصبح هذا السبت الكاهن الفرنسي كاميل كوستا دو بوروغارد أول طوباوي تعلنه الكنيسة خلال حبرية البابا لاون الرابع عشر. الطوباوي الجديد الذي عاش في مقاطعة سافوا الفرنسية في القرن التاسع عشر كرس حياته لتربية الفتيان الأيتام والمهمشين. وللمناسبة قال عنه رئيس أساقفة شامبيري المطران تيبو فيرني إنه يشكل مثالاً يُحتذى به إزاء المعاناة الراهنة في عالم اليوم.
في حديث لموقعنا الإلكتروني قال سيادته – الذي عُين أسقفا على شامبيري وموريان وتارانتيز في آب أغسطس من العام ٢٠٢٣ – قال إن احتفال إعلان طوباوية الأب كاميل ولّد حماسة كبيرة لدى المؤمنين، تخطت مدينة شامبيري وإقليم سافوا وحدود الكنيسة أيضا. المطران فيرني ترأس احتفال التطويب عند الساعة الثالثة من بعد ظهر السبت، إلى جانب السفير البابوي في فرنسا، المطران شيليستينو ميليوري، ممثلاً البابا لاون الرابع عشر. وخلال نهاية الأسبوع تعيش مدينة شامبيري احتفالاً كبيراً يعكس بهجة أبناء الكنيسة المحلية. ففيها وُلد وترعرع الطوباوي الجديد عام ١٨٤١، في كنف عائلة نبيلة وذات نفوذ. وفي كاتدرايئة المدينة حيث أقيم احتفال التطويب أعاد كاميل اكتشاف الإيمان عن عمر عشرين عاماً، وقرر أن يصبح كاهنا. وأُرسل إلى روما لإكمال تنشئته الكنسية.
وذكّر المطران فيرني بأن الطوباوي الجديد درس في المعهد الإكليريكي الفرنسي بروما، وسيم كاهنا في كاتدرائية يوحنا اللاتيران. وأضاف سيادته أنه في أبريل نيسان من العام الجاري، وتزامناً مع سنة اليوبيل، قام مؤمنون من أبرشيات شامبيري، موريان وتازانتيز بزيارة حج إلى المدينة الخالدة على خطى الطوباوي الجديد. وأوضح أن وفاة البابا فرنسيس، في الحادي والعشرين من الشهر الفائت، أثارت تساؤلات بشأن احتفال التطويب. بيد أن البابا الحالي لاون الرابع عشر أكد الاحتفال، وصادق على المرسوم الصادر في الرابع عشر من آذار مارس ٢٠٢٤. وكانت دعوى تطويب الأب كاميل قد قُدمت إلى الفاتيكان في الخامس والعشرين من يناير كانون الثاني ١٩٦١. وبعد ثلاثين عاما، بالتحديد في الثاني والعشرين من كانون الثاني يناير ١٩٩١ صدر المرسوم الذي يعترف بفضائله البطولية.
تابع سيادته حديثه لموقعنا الإلكتروني لافتا إلى أن كاميل رفض الالتحاق بالأكاديمية الكنسية، الخاصة بالعائلات النبيلة، والتي كانت ستضمن له مسيرة مهنية مرموقة في السلك الدبلوماسي للكرسي الرسولي. فعاد إلى مدينته شامبيري حيث عُين نائباً على الأبرشية. بعد شهرين على عودته، وبالتحديد في شهر آب أغسطس من العام ١٨٦٧، تفشى داء الطاعون في المدينة حاصدا العديد من الضحايا. وإزاء معاناة الأيتام قرر الكاهن كاميل كوستا "أن ينهض وأن يقوم بواجبه".
وسرعان ما لجأ إلى الإرث المادي الذي تركته له أسرته النبيلة فأسس مركزاً لاستقبال الأيتام ولتعليمهم مهنة الزراعة. وقام بإدارة المركز لغاية وفاته في العام ١٩١٠ عن عمر تسعة وستين عاما. وأضاف سيادته أنه من المحفز جدا أن نفكّر اليوم في السير على خطى الطوباوي الجديد، خصوصا إزاء الألم والمعاناة اللذين يشهدهما عالمنا المعاصر. وذكّر الأسقف الفرنسي بكلمات الرب يسوع في إنجيل القديس متى: "إن كل ما فعلتموه لواحد من أخوتي هؤلاء الصغار فلي قد فعلتموه".
بعدها قال المطران فيرني إن الطوباوي الجديد كان ضحية للتنمر في صباه، وبالتالي لم يكن سعيداً وكان قريباً من الفتيان المتألمين. وعندما أصبح كاهناً تبنى مقاربة تربوية، ووضع في المحور علاقة الثقة بين المربي والشبان، التي رأى فيها العمود الفقري للتربية. أما المركز الذي أسسه ويُدعى Bocage فما يزال يتابع لغاية اليوم رسالة التنشئة في مجال الزراعة ويديره الآباء الساليزيان للقديس بوسكو. وأضاف سيادته أن الطوباوي الجديد والقديس بوسكو التقيا في تورينو عام ١٨٧٩، واللافت هو أوجه الشبه الكبيرة في مقاربتهما للتربية. وقال المطران فيرني إنهما كانا كأبناء العم، وهما يشكلان اليوم حافزا كبيراً بالنسبة للكنيسة كي تلتزم في مجال التربية والاحترام وتقييم كل فرد من أفرادها، ولتتسلح بنظرة الطيبة والإحسان التي ميّزت الأب كاميل الذي عرف كيف يمنح الثقة للشبان ويربيهم على المسؤولية.
يذكر أنه كان من المرتقب أن يتم عصر اليوم السبت أيضا، في إستونيا، احتفال تطويب المونسينيور إدوار بروفيتليش، لكن تم إرجاؤه لأسباب لوجستية. الطوباوي الجديد كان كاهناً يسوعيا ألمانيا. عُين مدبرا رسوليا في إستونيا. تم اعتقاله وترحيله إلى الاتحاد السوفيتي، خلال الحرب العالمية الثانية، حيث تعرض للتعذيب وحُكم عليه بالإعدام، لكنه ما لبث أن فارق الحياة قبل أن ينفذ الحكم بحقه، بسبب المعاناة التي عاشها في السجن وذلك في الثاني والعشرين من شباط فبراير ١٩٤٢.