ياسر أيوب
هاجر جيوفانى ماريا فيرينا مع عائلته من إيطاليا إلى ألمانيا.. وبعد أن استقرت الأسرة فى مدينة كولن الألمانية.. ابتكر جيوفانى فى ١٧٠٩ سائلًا جميل الرائحة بحكم الخبرة التى اكتسبها من عائلته التى تخصصت فى صناعة العطور.. وأراد جيوفانى التعبير عن امتنانه لمدينة كولن التى استقبلته هو وأسرته فأطلق على السائل الجديد ماء كولون.. أوه دى كولون.
واشتهر فى العالم كله فيما بعد باسم كولونيا.. وسواء من يعرفون جيوفانى أو لا يعرفون حكايته.. أصبح مجرد استخدام الكولونيا أو ترديدهم اسمها تكريمًا دائمًا لهذه المدينة التى هى رابع أكبر مدن ألمانيا بعد برلين وهامبورج وميونخ.. مدينة التعليم بجامعاتها ومراكز بحوثها.. ومدينة الصحافة التى تصدر فيها ٧٠ صحيفة يومية ومجلة أسبوعية ألمانية.. وهى أيضا المدينة التى امتلكت منذ ١٩٤٨ ناديا لكرة القدم يحمل اسمها بعد اندماج ناديين صغيرين.. وعلى الرغم من فوز نادى كولن بالدورى الألمانى ثلاث مرات فى ١٩٦٢ و١٩٦٤ و١٩٧٨ واكتشاف مدينة الكولونيا وأهلها فرحة وجنون كرة القدم وانتصاراتها.
إلا أن نفس النادى هبط للدرجة الثانية سبع مرات آخرها كانت فى الموسم الماضى.. وعاشت المدينة وأهلها طيلة الموسم الحالى تأمل وتحلم بالعودة لدورى الأضواء.. وهو ما تحقق بالفعل يوم الأحد الماضى بعد الفوز على نادى كايزر سلاوترن بأربعة أهداف.. وأصبح ما جرى بعد صفارة الحكم الأخيرة التى أنهت هذه المباراة بمثابة تجسيد واقعى وشرح عملى لما تستطيعه وتقدمه كرة القدم لعشاقها.. فمن السهل والممكن أن نقرأ فى كتب الطب عن هرمون الإندورفين أو هرمون السعادة الذى يفرزه المخ عند الإحساس بالحزن أو الألم أو الاكتئاب.. وعند تشجيع كرة القدم أيضًا.
ولا يدرك عشاق كرويون كثيرون أن هذا الهرمون هو العامل الأكبر لارتباطهم بأنديتهم وانشغالهم بها سواء كانت أندية تفوز أو تخسر وتحصد بطولات أو تتوالى هزائمها.. ولكن يبقى الواقع أجمل وأصدق.. وكانت فرحة جماهير كولن بالعودة للدرجة الأولى أقرب للجنون وربما أكبر من فرحة فوز أندية أخرى بدورى أو حتى بطولة.. واقتحمت الجماهير المجنونة والمسكونة بفرحتها ملعب النادى وظلت طويلًا ترقص وتغنى وتحتفل.
ثم تسابقت هذه الجماهير بعد ساعات قليلة لشراء أجزاء من أرضية الملعب أصغرها وأرخصها تم بيعه مقابل يورو واحد والأكبر الأغلى كان ثمنها ١٩٤٨ يورو وهو تاريخ تأسيس النادى.. وتم أيضا بيع أجزاء من شباك المرميين.. فإدارة النادى قررت استبدال عشب الملعب لإقامة حفلات موسيقية بحثًا عن موارد مالية إضافية.. ووفقا لأهم قواعد العشق الكروى.. سيبقى ويدوم حب أهل الكولونيا لناديهم وقت خسارته قبل انتصاراته.
نقلا عن المصرى اليوم