مارجريت عازر
فى زمن تتسارع فيه التغيرات الثقافية وتشتد فيه التحديات التى تواجه الهوية الوطنية تتجلى الحاجة إلى دور فعّال ومتكامل لوزارات الثقافة والتعليم والهيئات الإعلامية لترسيخ قيم الانتماء والمواطنة، خاصة فى أوساط النشء والشباب بوصفهم الركيزة الأساسية لبناء مستقبل الوطن.
تلعب وزارة الثقافة دورًا محوريًا فى الحفاظ على الموروث الثقافى وصون الهوية الوطنية التى تتشكل عبر التاريخ والفنون والتراث الشعبى. ومن خلال قصور الثقافة والمكتبات العامة المنتشرة فى المحافظات خاصة فى المناطق الريفية والنائية تتيح الوزارة فرصًا للتثقيف والانفتاح على القيم الوطنية. كما تكرس الوزارة جهودها لدعم الإبداع الوطنى وتشجيع الفنانين والكتاب على إنتاج أعمال تُبرز الروح المصرية وتنشر القيم الإيجابية وتعيد ربط الأجيال الجديدة بجذورها الثقافية.
الاحتفال بالمناسبات الوطنية وتنظيم الندوات والفعاليات الثقافية التى تستعرض تاريخ مصر وإنجازاتها من الوسائل التى تعتمد عليها الوزارة لبناء وعى جمعى قائم على الفخر والانتماء.
أما الهيئات الإعلامية فهى صوت الدولة والمجتمع ومنبر رئيسى لنقل القيم وترسيخ المفاهيم. ويمثل الإعلام إحدى أهم أدوات تشكيل الرأى العام، ومن ثم فإن تطوير خطاب إعلامى وطنى يعكس التنوع الثقافى لمصر ويُعزز الوحدة الوطنية هو واجب الساعة. على الإعلام أن يبرز النماذج الإيجابية فى المجتمع ويعطى مساحة أكبر لقضايا الشباب، وقصص النجاح المحلى، ويُقاوم ثقافة الاستهلاك والانبهار الزائف بالغرب عبر محتوى جذاب يعيد الاعتبار لقيمة الانتماء الوطنى.
الإعلام التوعوى الذى يسلط الضوء على تحديات الوطن ويوضح ما يبذل من جهود تنموية يمكن أن يكون قوة دافعة لرفع وعى المواطن وشريكه فى حماية الاستقرار ومكتسبات الدولة.
فى قلب معادلة ترسيخ الانتماء تأتى وزارة التعليم بدورها الحيوى إذ إن المدرسة هى الحاضنة الأولى التى تصوغ وجدان التلميذ تعزيز ارتباطه بوطنه. وهنا تتطلب المرحلة الراهنة مراجعة مستمرة للمناهج الدراسية لضمان أن تعكس قيم المواطنة والتسامح والتاريخ الوطنى كما تتطلب تأهيل المعلمين ليكونوا قدوة صالحة، قادرين على غرس هذه القيم من خلال الممارسة اليومية وليس فقط عبر النصوص النظرية.
كما يجب دعم الأنشطة المدرسية غير الصفية التى تنمى لدى الطلاب الشعور بالانتماء وروح العمل الجماعى وربطهم بالمجتمع المحلى من خلال مبادرات الخدمة العامة والمشاركة المجتمعية.
وأخيرًا: التنسيق هو مفتاح النجاح. إن ترسيخ الانتماء الوطنى لا يتحقق بجهود فردية أو معزولة بل عبر استراتيجية وطنية شاملة تتكامل فيها الأدوار بالتعاون مع مؤسسات المجتمع المدنى والإعلام والجامعات ودور العبادة.
وحده هذا التكامل يمكنه أن يحمى الهوية المصرية من التآكل ويبنى مواطنًا واعيًا، فخورًا، ومخلصًا لوطنه فى الحاضر والمستقبل.
نقلا عن المصري اليوم