ياسر أيوب

لم تتوقع العداءة الكندية ستيفانى كيسى أن تفوز منذ أيام بسباق سنودونيا ألترا ماراثون أحد أقسى وأصعب سباقات الجرى فى العالم.. سباق شهير فى ويلز للجرى لمسافة مائة كيلومتر مرورا بجبال وتلال وأرض غير مستوية.. ولم تكن ستيفانى وحدها لكن مثلها كثيرون لم يتوقعوا لها الفوز، بل وبعضهم لم يتوقع حتى أن تكمل السباق.. فهى فى الثالثة والأربعين من عمرها ولم تشارك فى أى سباق منذ ثلاث سنوات وأصبحت حاملا ثم وضعت فى نوفمبر الماضى ابنتها بيبر وفقدت الكثير من قوتها ورشاقتها ولياقتها البدنية.

 

بل لم تبدأ ستيفانى السباق إلا بعد انطلاقه بنصف ساعة وكانت كل فترة تتوقف لإرضاع ابنتها بيبر التى كان يحملها أبوها جون روبرتس.. ورغم ذلك فازت ستيفانى بالسباق بعد 16 ساعة و53 دقيقة و22 ثانية.. ولم تكن تعلم أنها الفائزة حين أنهت السباق وعندما أخبروها بفوزها كررت سؤالها للمنظمين عشر مرات عمن فازت بالسباق.. وفى أول تصريح لها بعد فوزها.. قالت ستيفانى إنها كانت فى كل فترة توقف تستمد القوة من النظر فى عينى طفلتها كأنها تقول لها أن تشاهد ما تستطيع أمها القيام به.. وأصبحت تجرى بسرعة هائلة حتى فترة التوقف التالية خشية أن تجوع طفلتها.. وفور انتهاء السباق وفوز ستيفانى.. تبادل ملايين فى العالم صورتها وهى تقوم بإرضاع طفلتها أثناء السباق.

 

 

صورة البطلة التى تمنحها الأمومة المزيد من القوة والكثير من الأمل.. أو صورة الأم التى على استعداد للتضحية ببطولة وانتصار رياضى من أجل ابنتها.. ولم تكن ستيفانى مجرد بطلة رياضية تخصصت فى أصعب سباقات الجرى وأطولها فى العالم.. فهى محامية تخصصت فى مجال حقوق الإنسان، وعملت أيضا مع الأمم المتحدة ضمن فرق دولية لحماية المدنيين والنساء والأطفال فى أفغانستان وغزة وجنوب السودان.. وكانت دائمة التشجيع على ممارسة رياضة الجرى كأنها قررت المحافظة على الجرى كغريزة عرفها ومارسها الإنسان طول الوقت.. يجرى من حيوان يلاحقه أو عدو يطارده أو يجرى ليلحق بطعام يحتاجه أو أمان يفتش عنه أو فرصة يحتاجها.. وكان البعض يسخر منها ومن أحاديثها عن رياضة الجرى أو حتى الجرى نفسه كوسيلة أخيرة للهرب من خوف وموت أو اللحاق بحلم قبل أن يضيع وفرحة قبل أن يسرقها الآخرون.. ودارت حكايات كثيرة ثبت بعدها صحة وضرورة أن تتعلم الفتيات الجرى وحقهن فى ممارسته أيضا طول الوقت وفى أى مكان.. وحين قررت ستيفانى العودة للسباقات بعد الحمل والولادة.. لم تعد لتفوز ببطولة أو ميدالية.. إنما عادت لأنها فقط تريد أن تبقى تستطيع أن تجرى.

نقلا عن المصرى اليوم