أحمد الخميسي
في ٣١ مايو الحالي تحل ذكرى تأسيس الاذاعة المصرية الحادية والتسعين. وتُعد الإذاعة المصرية من أقدم وأهم وسائل الإعلام في العالم العربي. بدأ بثها الرسمي في 31 مايو 1934 بالتعاون مع شركة ماركوني البريطانية عهد الملك فؤاد الأول، وكان الهدف من إنشائها نقل الأخبار والمعلومات إلى الناس، وتقديم برامج تثقيفية وترفيهية تساهم في رفع الوعي العام.
انطلقت الإذاعة بصوت المذيع أحمد سالم وهو يعلن: "هنا القاهرة"، وهي العبارة التي أصبحت ومازالت علامة على الاذاعة المصرية. وبدأ البث الاول ببرامج دينية وثقافية وموسيقية، وكان من أوائل الأصوات التي جرت عبر الأثير صوت الشيخ محمد رفعت بتلاوة القرآن الكريم، وصوت الموسيقار محمد عبد الوهاب في فقرات غنائية. وعام 1947، أنهت الحكومة المصرية تعاقدها مع شركة ماركوني، وانتقلت الإذاعة الى أدارة مصرية صرف. ومنذ ذلك الوقت، شهدت الإذاعة تطورًا كبيرًا وظهرت محطات جديدة، مثل البرنامج العام وصوت العرب والشرق الأوسط والبرنامج الثقافي. وعام ١٩٦٨ كنت معتقلا في سجن طرة مع الصديق العزيز الكاتب صلاح عيسى في زنزانة ضيقة وقد منعت عنا الكتب والصحف. لكننا بمعجزة استطعنا تهريب راديو ترانزستور صغير يعمل ببطارية وصرنا كل مساء بعد نوم الحراس نستمع ليس فقط إلى الاخبار والاغاني بل إلى ما يذيعه البرنامج الثقافي من أعمال ومسرحيات وقصص. انقذتنا الاذاعة حينذاك نحو عام كامل. وقد استطاعت الاذاعة أن تصبح وسيلة فعالة لدعم الثقافة الوطنية والقضايا القومية، خاصة في مراحل مهمة من التاريخ مثل ثورة يوليو 1952 وحرب أكتوبر 1973. وبرز وتألق في تاريخها الطويل عدد من الشخصيات والبرامج التي تركت بصمة قوية في ذاكرة ووجدان المستمعين وساهمت في تشكيل الهوية الثقافية للمجتمع المصري. من أبرز هذه الشخصيات:
- أم كلثوم، التي كانت حفلاتها تُذاع مباشرة وتجمع الملايين حول أجهزة الراديو كل يوم خميس. ايضا
عبد الحليم حافظ ومحمد عبد الوهاب اللذان دعمت الإذاعة مسيرتهما الفنية منذ البداية.
هناك ايضا صفية المهندس، أول مخرجة إذاعية وأول سيدة تتولى رئاسة الإذاعة. وبالطبع لا يمكن ان ننسى بابا شارو، الذي كنا نستمع إليه بلهفة في طفولتنا وصبانا وقد أبدع في تقديم برامج الأطفال وارتبط اسمه بذكريات طفولة جيل كامل.
كما ظهرت برامج مازال اسمها يتردد إلى اليوم مثل برنامج " على الناصية" الذي كانت تقدمه امال فهمي.
واليوم، رغم تطور التكنولوجيا وطغيان وسائل التواصل الاجتماعي، تظل الإذاعة المصرية رمزًا من رموز الإعلام العربي، وذاكرةً حيّةً تنبض بتاريخ مصر الثقافي والاجتماعي والسياسي، وتظل تؤدي دورها لدي قطاع واسع جدا من الناس، وبهذا الصدد اقول أنني استمع فقط إلى الاذاعة ثلاث مرات يوميا ، إذ أن الصورة في التلفزيون تشغل العقل عن تلقي الاخبار ، أما الاذاعة فإن اعتمادها على الصوت يجعلك تنشغل بمضمون الحديث وليس صورته.