دكتور بول غبريال – راعي الكنيسة العربية الكتابية – شيكاجو                                                                               
كن صادقًا مع نفسك… 
 
كم مرة تمنيت أن تكون محور حديث الناس؟  
 
وكم مرة  أردت أن تكون وسط الصورة؟ 
 
وكم مرة وددت أن يصفق لك الناس بحرارة كلما فعلت شيئًا صالحًا؟ 
 
وكم مرة إشتهيت أن تُحاط بهالة من الإعجاب والتقدير لمجرد أنك “أنت”؟ 
 
هذا الشوق للظهور قد يكون دفينًا وغير معلن تماماُ، لكنه يسكن في قلوب كثيرة، حتى في أوقات الألم أو الشهادة عن التجربة، لا نقول دومًا “الله كان أمينًا معي”، بل نُحب أن يسمع الناس “كم نحن أقوياء”!
 
لقد تحوّل المسرح إلى جزء لا يتجزأ من الحياة. المسرح الافتراضي، والمسرح الاجتماعي، والمسرح الروحي ..
الكل يبحث عن أضواء تسلط، وجمهور يصفق، وأناس تهلل.. 
 
لكن الإنجيل لا يُخفي الحقيقة، بل يضعها أمامنا في وضوح:
“وأبوك الذي يرى في الخفاء، هو يجازيك علانية” (متى 6: 6).
هذه الكلمات ليست مجرد توصية، بل دعوة للرجوع… رجوع إلى “المخدع”، إلى حيث لا جمهور، ولا تصفيق، ولا عدد مشاهدات. حيث لا تسمع إلا أنفاسك وهمسات قلبك في حضرة الإله الحي. حيث لا يراك أحد، لكنك تُرى من السماء.
 
الرب لا يطلب منا أن نختبئ، بل أن نختلي. أن نُعيد ترتيب دوافعنا، أن نفهم أن المجد الحقيقي لا يأتي من الناس بل من الله.
 
فمن عاش من أجل التصفيق، سيموت حين يصمت الناس، أما من عاش من أجل نظر الله، فسيحيا حتى في عزلة الصمت.
 
لقد مدح الرب الأرملة التي ألقت فلسين فقط، لأنها “ألقت من أعوازها” (مرقس 12: 44)، ولم يهتم أحد بمشهدها… إلا هو.
 
وأوصى تلاميذه ألا يصوموا بوجوه عابسة ولا يُصلّوا كالمرائين، بل قال:
 
“ليكن صومك في الخفاء… ليكن عطاؤك في الخفاء” (متى 6).
 
لأن قلب الله لا يقيس الظواهر، بل يزن النيات.
 
في زمن امتلأ بالضجيج، يهمس الله في هدوء: “ارجع إليّ، أراك في الخفاء… وسأكرمك في العلن، في طريقتي، وفي وقتي.”
فلنترك المسرح، ونلج إلى المخدع.
 
هناك ندخل إلي الأعماق… وهناك فقط، نُرى الله ولا نري البشر.