كتبها  Oliver
- الرب يسوع المسيح تجسد على الأرض و رآه الآلاف و ربما الملايين.لكن مجموع من رأوه لا يمثل أى نسبة من سكان الأرض.فماذا تحسب الآلاف أو حتى الملايين أيام وجود المسيح على الأرض بالجسد من مليارات البشر عبر الأجيال و حتى نهاية العالم؟ بعض هؤلاء يحسبون أنفسهم محرومين من رؤية المسيح بالجسد و يعتقدون أن الذين رأوا و لمسوا المسيح بالجسد أفضل منهم و أوفر حظاً .فهل هذه هى الحقيقة؟
 
- الإجابة كانت من السيد المسيح نفسه.حين إحتاج التلاميذ و خصوصاً توما الرسول أن  يضعوا أصبعهم مكان الحربة و يروا آثار المسامير لكي يؤمنوا فكانت كلمات السيد الرب الخالدة: طوبي للذين آمنوا و لم يروا. ثم إنطلق التلامئذ بإرشاد الروح القدس في تفسير هذه الكلمات.فنجد لوقا الرسول يتحدث عن نفسه و عن رفيقه (تلميذى عمواس) أن المسيح بعدما سار معهما طول الطريق يفسر لهما الكتب و بعدما كسر الخبز (إنفتحت أعينهما و عرفاه) لو24: 31. فالمسيح أمسك أعينهما أولاً عن معرفته لو24: 16.لقد أمسك الأعين الحسية لكي يريا المسيح بالأعين الروحية التي تنفتح من كلمة الإنجيل و من سر الشركة المقدسة. 
 
- الإيمان هو التأكد و التصديق لما يقول الرب دون أن نراه.نوح البار كان متأكداً من كلام الرب عن الطوفان.مع أنه لا أحد قبل نوح سمع عن أو رأى طوفاناً. لكنه بدأ يبني فلكاً فوق الجبل.واثقا أنه سيكون طوفاناً و لن ينجو منه أحد إلا إذا دخل هذا الفلك الذي أمر به الرب نوحاً. عب11: 7.الإيمان  لا يعني إنعدام الرؤية بل يعني إنتقال الرؤية من العين إلى القلب. 
 
- رؤية المسيح بالعين الجسدية  ستري المسيح في جسد محدود.يتكلم لغة قديمة تبدلت من آلاف السنين.سترى شاباً يهودياً  صالحاً .رجلاً بتولاً رقيق المشاعر.إنساناً وفياً لأبويه و لشعبه و حريصاً على مشاركتهم عبادتهم.محاطاً بتلاميذ كثيرين هربوا لما رأوه  ممدداً على الصليب .هذا ما تراه عيون الجسد فهل هذا حقاً هو المسيح الذى تندم أنك لم تكن هناك فى أسرائيل لتراه؟ هذه هي رؤية الجسد للجسد.و هي رؤية لا تخلص إن لم تنتقل إلى القلب لكي تري ما هو أعظم.
 
- أما عين الإيمان فلا تري المسيح هكذا.بل تراه إلهاً آخذاً صورة إنسان.متجسداً و المجد كامن داخله كالكنز فى وسط الحقل.عند الصليب لن تهرب إذ تراه يدفع ثمن خطيتنا بل ستتمسك بالصليب و تفتخر.ستراه إلهاً مخلصاً.لاهوته غير المرئي للعين يصير مرئياً للقلب.ستراه مثل إستفانوس جالساً في عظمة المجد (يمين العظمة).ستراه ناراً آكلة كما رآه يوحنا في الرؤيا.ستراه محاطاً بالملائكة و أرواح الأبرار . ستراه ملك المجد .أليس هذا ما تريد أن تراه.هذه هى رؤية الإيمان التي بدونها لا نخلص.الأمور غير المنظورة بالجسد تُدرك  بالإيمان رو1: 20.
 
- لا يوجد بر في رؤية العيان لكن البر محصور في الإيمان .في ملامسة القلب لمحبة المسيح.في إنحصار الكيان الداخلي في دائرة المسيح.فأكثر الذين رأوا المسيح بالجسد على الأرض لم يؤمنوا به.لكنهم حين طلبوا المسيح بالإيمان أنعم عليهم بالروح القدس فتربت داخلهم حواس روحية جديدة و بها عاينوا المسيح و نالوا من بر المسيح فأحبوه حتى الموت. إلهنا الطيب أنعم علينا بنعمة أعظم مما نالها الذين إكتفوا برؤيته جسدياً.
 
- الأرض بالنسبة للكون كله مثل كهف صغير فى جبل عملاق. نحن نعيش داخل هذا الكهف و أكثر الكون غير منظور لنا. لا نعرف الكون و لا ما بعده أو ما قبله..ليس إلا الإيمان وسيلتنا للبقاء على قيد الحياة.لأن أعظم ما فى الكون هو غير المنظور.أيضاً الإيمان طريقتنا لرؤية ما هو أسمي من هذا الكون المادى.عين الروح .عين الإنسان الجديد .عين القلب. هذا هو طريق الروح للأرواح.لتدرك بعضا من ملكوت الله  و ما فيه.