محرر الأقباط متحدون 
في فجر الخامس من يونيو عام 1967، أطلقت إسرائيل واحدة من أعنف الضربات العسكرية في تاريخ الصراع العربي-الإسرائيلي، حين شنت هجومًا جويًا مباغتًا على 11 قاعدة جوية مصرية، دمرت خلالها 304 من أصل 419 طائرة، مما شلّ سلاح الجو المصري في ساعات. 

وفي ذات اليوم، وسّعت إسرائيل عملياتها الجوية لتضرب المطارات السورية والأردنية والعراقية، في حملة عسكرية وُصفت بأنها “استباقية”، لكنها سرعان ما اتضحت على أنها خطة ممنهجة للسيطرة والاحتلال.

ومع تصاعد القصف، سارعت إسرائيل إلى الأمم المتحدة لتسويق روايتها، مدعية أنها تعرضت لهجوم “غادر”، وادعت أن قوات مصرية شملت مدفعية من غزة بدأت الهجوم، في حين كانت قواتها تنفذ خطة توسعية على الأرض أدت خلال ستة أيام إلى احتلال سيناء والضفة الغربية والقدس وثلثي الجولان.

لاحقًا، اعترف رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق مناحيم بيغن بوضوح أن الرئيس المصري جمال عبد الناصر لم يكن يخطط لهجوم وشيك، بل إن إسرائيل هي من اتخذت قرار الحرب بوعي كامل.

لكن الوجه الأشد قتامة للحرب لم ينكشف للعالم إلا تدريجيًا؛ حيث ظهرت على مدى عقود شهادات من جنود وصحفيين ومؤرخين إسرائيليين عن جرائم قتل بحق أسرى مصريين عزل. 

من أبرزها شهادة الصحفي غابي برون الذي تحدث عن إعدام خمسة أسرى بعد أن أُجبروا على حفر قبورهم بأيديهم، وشهادة المؤرخ أوري ميلشتاين الذي أكد وقوع عمليات قتل لأسرى رفعوا أيديهم استسلامًا. كذلك، وثّق المؤرخ توم سيغيف أوامر صدرت للجنود الإسرائيليين بإطلاق النار على الجنود المصريين الفارين.

وفي عام 1995، أعلنت مصر اكتشاف مقبرتين جماعيتين في العريش تضم رفات عشرات الأسرى، فيما عرضت إسرائيل دفع تعويضات لأسر الضحايا دون محاسبة المسؤولين، بحجة تقادم القضية.

نكسة 1967 لم تكن فقط هزيمة عسكرية، بل مثّلت مأساة أخلاقية وإنسانية، كشفت عن وجه آخر للحرب: الأكاذيب السياسية والتصفية الجسدية للأسرى، في جرائم لا تزال شاهدة على مرحلة لم تُطوَ صفحاتها بعد