ياسر أيوب
من حق أي إنسان أن يفرح حتى لو كان مسكونا بالمرارة والوجع.. وأن تملأ وجهه ابتسامة حقيقية صادقة حتى إن استوطنت عينيه دموع الحزن والألم.. فهناك جروح لا يراها أحد غير صاحبها وتبقى مفتوحة مهما جاءت بعدها الأيام بفرحة ونجاح.. وكان من حق المدير الفنى الإسبانى لويس إنريكى أن يفرح ويحزن ويضحك ويبكى في نفس اللحظة.. الفرحة كانت بعد نجاحه الأحد الماضى في قيادة باريس سان جيرمان للفوز بدورى أبطال أوروبا.. وكان الحزن حين رفعت جماهير باريس في المدرجات عقب المباراة لافتة ضخمة مرسوما عليها إنريكى وابنته زانا يحملان علم باريس سان جيرمان.

وأعادت هذه اللافتة لكثيرين صورة إنريكى وابنته في ٢٠١٥ يحتفلان بفوز برشلونة بدورى أبطال أوروبا.. ولم يكن الفارق بين ما جرى في ٢٠١٥ و٢٠٢٥ هو فقط باريس سان جيرمان بدلا من برشلونة وبرلين بدلا من ميونخ.. إنما كان الفارق الأكبر والأهم هو أن زانا التي احتفلت بانتصار أبيها في ٢٠١٥ غابت عن احتفال ٢٠٢٥.. ففى بداية ٢٠١٩ اكتشف الأطباء إصابة زانا ابنة التسع سنوات بسرطان العظام.. وبدأت زانا ووالداها إنريكى وإيلينا رحلة الشقاء والرجاء في الانتصار على السرطان.. واستقال إنريكى في يونيو ٢٠١٩ من وظيفته كمدير فنى لمنتخب إسبانيا ليبقى بجوار ابنته.

ولم تنتصر زانا على السرطان وماتت في أغسطس ٢٠١٩ بعد رحلة عذاب وألم لم تطل أكثر من خمسة أشهر.. وتحولت زانا من ابنة إلى جرح بقى مفتوحا تحت جلد لويس إنريكى.. صحيح أنه عاد بعدها لقيادة منتخب إسبانيا حتى ٢٠٢٢ ثم انتقل لقيادة باريس سان جيرمان وكان يفرح بانتصاراته في الملاعب.. لكن بقى وحده رغم كل ذلك يحتفظ بجرحه الخاص جدا.. وكما قال الشاعر الراحل الكبير عبدالرحمن الأبنودى في قصيدة يامنه.. في الدنيا أوجاع أشكال وألوان الناس ما بتعرفهاش.. أوعرهم لو هتعيش بعد عيالك ما تموت.. ساعتها بس هتعرف إيه هو الموت.. ومنذ ٢٠١٩.

عاش إنريكى يحاول الانتصار على ما أطلق عليه الأديب الكبير يوسف العقيد وجع البعاد.. لكنه لم ينتصر على هذا الوجع.. وحين سئل بعد فوز باريس سان جيرمان بدورى الأبطال إن كانت لافتة جمهور باريس عن ابنته قد أحزنته وأبكته.. قال إنها أسعدته لكنه لم ينس ابنته حتى تذكره بها لافتة في المدرجات.. قال إنريكى أيضا أن ابنته لاتزال باقية معه.. يحاورها ويسمعها سواء كان في البيت أو ملعب كرة.. ويجد نفسه وسط كثيرين حين ينتصر وعند الخسارة لا يبقى معه أحد إلا ابنته زانا.
نقلا عن المصرى اليوم