بقلم د . ق يسطس الأورشليمى
 كتاب وباحث في التاريخ المسيحى والتراث المصرى
 وعضو إتحاد كتاب مصر


فيلمون أسقف غزة : وتقول تقليد الكنيسة الرومية أن هذا الأسقف هو الذي أرسل إليه بولس الرسول رسالته الشهيرة ، ويعتبر هذا الأسقف من أوائل الأساقفه على غزة ، مما يؤكد إعتناق عدد كبير من سكان غزة المسيحية منذ العهود الأولى للمسيحية  .   

سلوانس  أسقف غزة : وقد حكم عليه بالإقامه في مكان منعزل ، والثمانية والثلاثون المعترفين الذين بسبب تقدمهم في السن أو تشويه أجسادهم أو ضعفات بدنيه آخرى أعفوا من الخدمه وترأس عليهم سلوانس أسقف غزة ، وهذا قدم مثالا حيا للمسيحية الحقة ، وإذ برز هذا الرجل بإعترفاته ، من أول يوم في الإضطهاد حتي نهايته حفظه الله كل ذلك الوقت لكى يكون خاتمة كل الكفاح في فلسطين ، أما الباقين فبقوا متممين واجبتهم العاديه نحو الصوم والصلاه والمورثات الاخرى ، وقد رأى الله نفسه أنه من المناسب أن يكرمهم ، لذلك قطعت روؤس التسعة وثلاثين فى يوم واحد  بناء على أمر مكسيميانوس . 

وقد ذكره أوسابيوس القيصري في كتابه كأسقف لضواحى غزة بل هو أول أسقف يذكره التاريخ علانية لمدينة غزة وضواحيها ، وكان ذلك عام 285 م , وقد أستشهد هذا الأسقف مع39  أخرين ، وذلك عام 310م فى عهد الملك غلاريوس .

أسكلبياس أسقف غزة : حضر هذا الأسقف المجمع المسكوىي الأول الذي عقد في نيقية سنة 325م الذي دعى إليه الإمبراطور قسطنطين، وكان من أشد المعارضين لبدعة اريوس وكان مسانداً لمكاريوس أسقف أورشليم فى خطابه الذى ألقاه في مجمع نيقية ركز فيه على الوضع البائس للكنائس فى الأراضى المقدسة مطالباً بإعادة ترميمها وإصلاحها ، مما كان له الأثر العميق في نفوس المجتمعين ويذكر أيضا نضاله في الأراض المقدسة وخاصة غزة حيث إنتشرت البدعة الأريوسية  .

ويذكر لهذا الأسقف أنه قد بنى كنيسة فى غزة  للمؤمنين ولعلها أول كنيسة شيدت داخل أسوار مدينة غزة حيث كان المؤمنيين قبلها يجتمعون في ضواحى المدينة أو أطرافها  .

وهناك من أدعى أن هذه الكنيسة قد بنيت خارج سور المدينة غرباً وقد تنيح هذا الأسقف بسلام بعد جهاد طويل ضد هذه البدعة المشئومة في منتصف القرن الرابع وهى غير الكنيسة التى بناها إيلاريون في منطقة مايوما عند ميناء غزة  . 

أرينيون أسقف غزة : تولى هذا الأسقف سنة 360 تقريباً ، ومن أهم أعماله حضوره المجمع الأنطاكي سنة 363م ، كما قام ببناء كنيسة في المدينة أطلق عليها أسم إيريني الذي يعني السلام حسب الترجمة اليونانية ، وقد بنيت في المكان الذي وافق فيه الأسكندر الأكبرالمقدوني على إيقاف عمليات القتل والدمار داخل المدينة بعد أن حاصرها , أما السبب الثانى لتلك التسمية أن أسم تلك الكنيسة إيريني يتجانس مع أسم بأنيها إيرينيون البار ، وكان ذلك الأسقف قد بنى دار للضيافة (دار الأسقفية) والتي نزل فيها الأسقف بيرفيريوس فيما بعد . 

إينياس أسقف غزة  : كان هذا الأسقف البار أسقفاً على مدينة غزة ، وقد ذكره الشماس مرقس في كتابه ، وذكر بأنه قد توفى بعد ثلاث سنين من وجود بيرفيريوس في غزة , حيث لم يقم في أسقفيته إلا زماناً قصيراً. 

بطـــرس الكرجي أسقف غزة : تعتبر البداية الحقيقية للرهبنة الجورجية في الأراضي المقدسة عام 430م عندما حضر الأمير الجيورجي نابار نوغيوس وهو من سلالة الملوك الجيورجيين فارا من القسطنطينية، وكان قد آتي به إلى قصر إمبراطور القسطنطينية وهو ابن اثنتي عشر سنة، حيث إحتجز رهينة بحيث يضمن إلا تنحاز المملكة الجيورجية إلى الفرس، وفي القسطنطينية تقابل هو والناسكة الأورشليمية ميلانية الصغرى، حيث كانت في مهمة في مجال الرعاية الروحية وتحت تأثير مثالها تولد فيه شوق إلى الحياة الرهبانية في الأراضي المقدسة، وعلى الرغم من تشديد الحراسة على قصر الإمبراطور تمكن نابار نوغيوس من الفرار بمساعدة أحد رجال البلاط هرب إلى الأراضي المقدسة بدير الرجال الذي كانت قد أسسته ميلانية على جبل الزيتون، وكان رئيس الدير جرونتيوس هو الذي يلبس الملتحقين الجدد الثوب الرهباني وأتخذ الأمير اسم بطرس الأبيري.

ثم بنى بطرس الأبيري ديرا على مقربة من قلعة داود ظل مدة طويلة يحمل اسم دير الأبيري، وبعد ذلك ترك الأبيري المدينة المقدسة وإلتحق بجماعة رهبان في مايوما ميناء غزة، وفي تلك الأثناء أسرع سكان مايوما إلى البطريرك ثيودوسيوس طالبين سيامة الراهب بطرس الأبيري (الكرجي) الساكن بقرب المدينة مطرانا لمدينتهم وكان قبل ذلك بسنوات سبع أرغم على قبول الرسامة الكهنوتية.

في أغسطس عام 453م عاد جوفينال (الأسقف يوفناليوس) إلى أورشليم بصحبة جنود الإمبراطور، فتنحى البطريرك المنافس ثيودوسيوس الأرثوذوكسي وكذلك بطرس الكرجي قاصدين مصر في جمع من الرهبان المعارضين للخلقيدونية في عام 455م، ولما غادر ثيودوسيوس منفاه في عام 457م لتسوية خصومة نشأت في أنطاكية تعرفوا عليه أمام أبواب المدينة فقبض عليه وأرسل إلى القسطنطينية، وعبثاً حاول الإمبراطور إكتسابه إلى جانب الخلقدونيين. 

أما بطرس فقد أختبأ وبقى متواريا عن الأنظار وحدث في مكان إختبائه أن الأسقف الخلقدوني هناك قرأ نصا للبطريرك الإسكندري بروتيروس كان مزيجا من السم والعسل، فما كان من بطرس إلا أن أعتلى العمود الذي يحمل تمثال الإمبراطور وبيده مقالة بروتيروس الخداعة وكشف الإلحاد الخفي الذي أشتملت عليه كل كلمة، وقد ساعدته على ذلك رؤيا شاهد فيها ثيودوسيوس وقد أجرى له الرسامة التي رفعته إلى إدراك اليقين ومكنته من أن يتبين الأضاليل. 

وبقى بطرس الكرجي على إتصال بدوائر الرهبان المصريين ممن لم يكونوا يحبون أن يروا بطريرك الإسكندرية بطرس مونوغوس حتى يقبل بمرسوم الإتحاد لأن المرسوم تجنب شجب خلقدونية بصورة واضحة وعندما قامت لجنة رهبانية برئاسة الكرجي بفحص موقف بطرس مونوغوس قدم هذا عظاته الأربع التي تشجب الخلقدونية والتي ذيلها بتوقيعه، ومما زاذ الوضع سوء أن بطرس مونوغوس تسبب في طرد أولئك الرهبان المصريين الذين كانوا مازالوا يرفضون الدخول معه في وحدة الشركة المقدسة، وعندما دعا الإمبرطور بطرس الكرجي إلى العاصمة أظهر هذا إصراره على رفض المصالحة فلم يستجيب لطلب الإمبراطور. 

لم تكن قوة أعداء الخلقيدونية قد أستنفذت بعد إذ أنه بعد وفاة بطريرك الإسكندرية ديوسقوروس عدو الخلقدونية المنفي ساعد الكرجي ( الأبيري ) السلطة الكنسية الحاكمة المناهضة للخلقدونية على البقاء لأن الرسامة الأسقفية الجديدة في مصر كان يتعين أن يقوم بها أسقفان ولم يكن في مصر سوى الأسقف أوسابيوس البيلوسيومي، غير أن الشعب الذي كان قد تنفس الصعداء بعد موت الإمبراطور مارسيان وأحضرت الجموع الراهب تيموثاوس ايلوروس من دير صحراوي مرشحا لرتبة البطريركية، وهكذا تمكن الأسقف بطرس الكرجي مع الأسقف أوسابيوس من رسامة بطريرك جديد.

عودته لفلسـطين :
في أثناء ذلك كانت الرعايا والأديار المعارضة للخلقيدونية في غزة والبلاد المقدسة قد سمعت عن بطرس الكرجي ونشاطه الشديد وصموده في وجه جميع الإضطهادات في مصر فتيقظت فيهم الرغبة في إعادة بطرس الكرجي أباً وأسقفاً للأراضي المقدسة، فقد جاء كثيرون من القديسين من فلسطين وناشدوه ملحين أن يزور قطيعه الفلسطيني أيضاً لأن ذلك كان قطيعه بالمعنى الصحيح، وكان قد حرم من رعايته وتعليمه الروحي في أثناء تلك الفترة بطولها ووصل بطرس إلى عسقلان في عام 475م وأسس بالقرب منها في قرية ناليا مركزا مناهضا للخلقيدونية وبتأثيره وسعيه تكونت رهبنة غير خلقيدونية جديدة في البلاد المقدسة.

وقد حكم الإمبراطور باسيليكوس فترة قصيرة وتميز حكمه بمرسوم الغى بموجبه مفعول الخلقدونية، وهكذا أعطى المعارضة دفعة للأمام، أما البطريرك تيموثاوس السكندرى أصبح حراً، وإن لم يتمكن من إكتساب بطرس الكرجي للعمل معه سوية من جديد، لكن بطرس أرسل رهباناً من فلسطين الي مصر وساند البطريرك برسائل الود والتشجيع.

صار بطرس الكرجي يعيش الأن حياة تنقل مضطربة داخل فلسطين والمناطق المجاورة بوصفه الرئيس الروحي الوحيد المناهض للخلقدونية، وتخبر سيرته التي كتبها تلميذه يوحنا الذي من بيت روفينا أن سكان المدن وأهل القرى والمزارع على الطريق كانوا يخرجون لمقابلته مملوءين بالفرح والإيمان ويسرعون إليه لينالوا بركته، وكان الكرجي يبيت أحياناً عند عين قرب مأدبا أوعند (ايلياس) أحد الوجهاء والذي كان على إتصال بالإمبراطورة الأرملة افذوكيا، وكان البعض من إتباع بطرس الكرجي وقد تنيح هذا القديس بسلام بعد جهاد طويل ضد الخلقدونية في الأراضي المقدسة حوالي عام 478.