القمص رويس الجاولى

رسالة القديس بولس الرسول الى اهل أفسس 
+++++++++++
مقدمة عامة للرسالة 
++++++++++
+++من سجن روما، في أواخر حياة الرسول بولس، قدم لنا هذه الرسالة، التي مع صغر حجمها نقلت إلينا الفكر الرسولي بل والسماوي نحو مفهوم الكنيسة. جاءت هذه الرسالة فريدة في أهميتها، من هذه الزاوية، فهي رسالة ليتورچية، تحمل إلينا تعاليم لها وزنها الخاص، وتضم تسابيح وقطع ليتورچية من العصر الرسولي، وفي نفس الوقت تُحسب أشبه بدعوة حارة لتمجيد الله.

+++هي رسالة كنسية لاهوتية تصبغ، على المؤمنين روح البهجة والفرح، وتدخل بهم إلى سرّ الكنيسة على صعيد لاهوتي عميق روحي وواقعي. الأمر الذي دعى بعض النقاد المحدثين إلى أن يدّعوا بأن هذه الرسالة وُضعت بعد العصر الرسول بولس، وإن كان كثير من الدارسين رفضوا هذا الفكر كما سنرى.

الرب إلهنا الصالح يهبنا بروحه القدوس أن ننعم بهذا الفكر الرسولي الحيّ لنعيشه بحق وننعم به.

+++ أفسس:
* "أفسس" كلمة يونانية تعني "مرغوبة".
* هي عاصمة المقاطعة الرومانية آسيا، على الشاطئ الأيسر من نهر الكاسيتر، في غرب آسيا الصغرى، على مسافة ثلاثة أميال من البحر، تقريبًا في المنتصف بين مدينتي سميرنا شمالًا وميليتس جنوبًا، وهي ملتقى طبيعي للطرق التجارية، خاصة الطريق الرئيسي بين روما والشرق. بُني لها مرفأ صناعي مما جعلها ميناءً بحريًا هامًا في العصور الوسطى.

* اشتهرت بهيكلها العظيم أرطاميس، وهي إلهة تمثل أمًا لها في صدرها كثير من الثدي، غالبًا من أصل حثي. تعتبر إلهة القمر عند اليونان، تقابل ديانا عند الرومان، تظهر كفتاة عذراء فارعة الطول وجميلة جدًا، أخت أبللو، يعتقدون أن تمثالها نزل من السماء، كثيرًا ما ترسم أيضًا في شكل صياد.
* في القرن الحادي عشر قبل الميلاد احتلها الأيونيون Ionians الذين من أصل يوناني، وصارت إحدى اثنتيّ عشرة مدينة خاصة بإتحاد ولاياتهم، وصارت عاصمة أيونيا.

حوالي سنة 555 ق.م. سقطت المدينة تحت حكم كريسس Croesus ملك ليديا (عاصمتها سادرس)، وبعد قليل سقطت تحت الحكم الفارسي. وفي عهد إسكندر الأكبر خضعت للحكم المقدوني اليوناني، وفي سنة 133 ق.م. خضعت للحكم الروماني، وصارت عاصمة ولاية آسيا.

* في سنة 29 ق.م.دُمرت المدينة بواسطة زلزال، وقام الإمبراطور طبريوس بإعادة بنائها.

+++ تأسيس كنيسة أفسس:
+ كان بأفسس كثير من اليهود لهم جنسية رومانية. (أع 18: 19؛ 19: 17). إذ كان الرسول بولس راجعًا إلى أورشليم نحو نهاية رحلته التبشيرية الثانية (حوالي سنة 54م) قام بزيارة قصيرة لأفسس، حيث كرز في مجمعها. هناك ترك أكيلا وبريسكلا يكملان عمله (أع 18: 18-21)، ووعد اليهود أن يعود إليهم في أقرب فرصة.

+ في غيبته جاء أبلوس من الإسكندرية، وكان من تلاميذ القديس يوحنا المعمدان، جاهر بما عرفه من شخص السيد المسيح في المجمع، وقام أكيلا وبريسكلا بتعليمه طريق الرب بأكثر تدقيق (أع 18: 24-26).

+ رجع الرسول بولس حسب وعده في خريف سنة 54م على الأرجح، في رحلته التبشيرية الثالثة، حيث وجد هناك بعض التلاميذ لم يقبلوا سوى معمودية يوحنا، فبشريهم بالسيد المسيح وعمدهم، وإذ وضع يديه عليهم حّل الروح القدس عليهم فطفقوا يتكلمون بلغات ويتنبأون (أع 19: 3-9).
+ وعظ بولس الرسول في مجمع اليهود نحو ثلاثة أشهر، ولما قاومه اليهود غير المؤمنين اعتزلهم وأخذ يعظ في مدرسة تيرانس لمدة سنتين "حتى سمع كلمة الرب يسوع جميع الساكنين في آسيا من يهود ويونانيين" (أع 19: 8-12).

+++ أما نتائج تبشير الرسول بولس في أفسس فقد أوضحها معلمنا لوقا البشير في سفر الأعمال، ألا وهي:

1. قبل كثير من اليهود والأمم الإيمان بالسيد المسيح (أع 19: 10).

2. بلغت الكرازة كل آسيا خلال عاصمتها أفسس (أع 19: 10).
٣. إذ صنع الله على يديّ الرسول بولس قوات غير المعتادة (أع 19: 11)، شرع بعض السحرة في صنع عجائب باسم يسوع الذي يكرز به بولس (أع 19: 13)، بينما جاء كثيرون منهم بكتب السحر ليحرقوها علانية، قُدرت أثمانها بخمسين ألفًا من الفضة (أع 19: 19).

٤. انهارت عبادة أرطاميس، الأمر الذي دفع صنّاع الفضة أن يقوموا بثورة، حاسبين في عمل الرسول بولس إهانة شعبية للهيكل العظيم (أع 19: 24-29).

٥. يظهر تأسيس كنيسة عظيمة في أفسس لها قسوسها مما جاء في (أع 20)، إذ أُستدعى الرسول بولس قسوس (الكهنة) الكنيسة التي في أفسس وهو في ميليتس (جنوب أفسس) عند رجوعه من الجولان في مكدونية وآخائية... وقد أنبأهم عن دخول معلمين كذبة بينهم هم ذئاب خاطفة لا تشفق على الرعية (أع 20: 29).

+++ تاريخ كتابتها: 
لم يُظهر الرسول في هذه الرسالة متى كتبها ولا أين كتبها، لكنه أوضح أنه كان أسيرًا بدليل قوله: "أنا بولس أسير يسوع المسيح لأجلكم" (أف 3: 1)؛ "أطلب إليكم أن لا تَكِلُّوا في شدائدي لأجلكم" (أف 1: 13)؛ "أنا الأسير في الرب" (أف 4: 1)؛ "أنا سفير في سلاسل" (أف 6: 20).
الرأي الأرجح إنها كتبت حوالي سنة 63م، حين أُذن له أن يستأجر بيتًا في روما لمدة سنتين، وقبل جميع الذين أتوا إليه، كارزًا بملكوت الله، بكل مجاهرة بلا مانع (أع 28: 30). في هاتين السنتين كتب كل رسائل الأسر: "كولوسي، أفسس، فيلبي، فليمون".

+++ موضوع الرسالة:
تُعتبر هذه الرسالة "كنسية" في جوهرها، موضوعها الرئيسي هو "الكنيسة" وعلاقة المسيح بها. الكنيسة بالنسبة للسيد المسيح هي الجسد بالنسبة للرأس (أف 1: 23)، والعروس لعريسها (أف 5: 23-32).

+++ غاية الرسالة:
 إعلان عن خطة الله في خلق شعب مسياني لله، جماعة مقدسة جديدة، متحدة بالرأس المسيح. هذا هو "سرّ محبة الله البشرية".

+++ سماتها
اتسمت هذه الرسالة عن بقية الرسائل البولسية بالاهتمام بالفكر الكنسي الرسولي، لذا جاءت تحمل طابعًا خاصًا بها وسمات فريدة.

+++ أقسام الرسالة:
الباب الأول: سرّ خطة الله، "شعب الله المسياني.          
ص 1 - 3.
الباب الثاني: الحياة الكنسية العملية
ص 4 - 6.