مارجريت عازر
هل آن الأوان أن نتوقف عن التعامل مع التعليم كأزمة موسمية؟
تعود مع كل عام دراسى جديد الأسئلة القديمة بأثواب جديدة: لماذا لا يزال التعليم مرهقًا للطلاب؟ لماذا تتحمل الأسر هذا الكم من الضغط والإنفاق؟ وما الذى تغير حقا؟.
اليوم يعود الملف إلى طاولة النقاش مع مشروع قانون التعليم الجديد الذى يعد بثورة فى نظام الثانوية العامة. لكن بين الوعود والتطبيق تظهر تحديات أكبر من مجرد تغيير نظام الامتحانات. يستهدف مشروع القانون الجديد المطروح أمام البرلمان تحويل الثانوية العامة من سنة مصيرية واحدة إلى نظام تراكمى يقيس أداء الطالب على ثلاث سنوات دراسية بما يهدف إلى منح مساحة أوسع للتقييم المستمر وتقليل حدة التوتر والضغط النفسى. كما يتبنى القانون فلسفة التعلم القائم على الفهم والتطبيق ويوسع استخدام التكنولوجيا والامتحانات الرقمية. على الورق تبدو هذه الخطوات ضرورية ومواكبة للعصر لكن على الأرض يثيرها الكثير من الجدل والمخاوف. فخبرات السنوات الماضية مع النظام الإلكترونى، أظهرت بوضوح قصور البنية التحتية فى كثير من المدارس الحكومية، وعدم جاهزية عدد كبير من المعلمين والطلاب للتعامل مع المناهج المطورة وأدوات التقييم الحديثة.
الأسر المصرية التى كانت تأمل فى نظام يخفف الأعباء المالية والنفسية تخشى اليوم أن يصبح التقييم الممتد على ثلاث سنوات عبئا طويل الأجل يضاعف الحاجة إلى الدروس الخصوصية التى تحولت من خيار إضافى إلى ضرورة لا غنى عنها.
أما المناهج الحديثة، فقد تطورت شكلاً ومضمونا وأصبحت أكثر عمقا وتنوعًا لكنها فى نظر شريحة واسعة لا تراعى دائمًا التدرج المناسب أو الفروق الفردية بين الطلاب ما يجعل استيعابها صعبا خاصة فى غياب تدريب كاف للمعلمين ودعم مستمر للطلاب. وبين مؤيد يرى فى القانون خطوة جادة لتصحيح المسار ومعارض يعتبره مجرد إعادة إنتاج لأزمات قديمة يظل التساؤل الأساسى مطروحا هل القوانين وحدها قادرة على إصلاح التعليم؟. إن تجاربنا السابقة تؤكد أن الحل لا يقتصر على إصدار تشريعات جديدة بل يتطلب رؤية وطنية شاملة، تبدأ بتأهيل المعلم وتطوير المدرسة وتحديث المناهج تدريجيًا بما يناسب قدرات الطلاب وتوفير بيئة تعليمية حقيقية تغنى عن اللجوء إلى السوق السوداء للدروس الخصوصية. قانون التعليم الجديد هو محاولة ضرورية لتصحيح المسار لكنه ليس كافيا بمفرده، فالإصلاح الحقيقى يبدأ حين تتحول المدرسة إلى بيئة حقيقية للتعلم، ويجد المعلم الدعم، ويثق ولى الأمر فى النظام، ويشعر الطالب أن مستقبله لا يتوقف على رقم فى شهادة.
ببساطة نحتاج إلى إرادة لا تكتفى بتعديل القوانين بل تلهم ثقة الناس وتصنع تعليمًا يستحقه المصريون.
نقلا عن المصرى اليوم