الأب جون جبرائيل الدومنيكانيّ
الميكروباص البينك، عربيات المترو المخصصة للنساء، الكراسي "للسيّدات" في الأوتوبيس… كلها محاولات ترقيعية من مجتمع عاجز، خايف، ومصاب بعمى أخلاقي.
 
نشكر من اقترح الفكرة، لأنه — من حيث لا يدري — قدّم اعترافًا لا لبس فيه:
الرجال في هذا المجتمع يتحرّشون، والمجتمع نفسه لا يحمي النساء. لا قانون يردع، ولا قيم تردّ، ولا رجولة حقيقية تحرس.
 
لكن دعونا لا نضحك على أنفسنا:
التحرّش مش أزمة سلوك فردي، ولا مشكلة تربية بس.
 
التحرّش ناتج مباشر من بنية مجتمع ذكوريّ، مبوّق جنسيًا، قمعيّ حتى النخاع.
 
مجتمع يكفّر الحب، ويبرّر الكراهية، ويحتقر الجسد، ويصنّف العنف "رجولة".
 
احضن مراتك في الشارع… شوف الناس هتعمل فيك إيه.
 
هيشتموك، ويكفّروك، ويتّهِموك بانعدام الأدب.
 
لكن لو ضربتها "علقة"، المجتمع هيقول عنك: راجل! بتربي! بتؤدّب "مراتك"!
 
إهانة المرأة علنًا مقبولة. حبّها علنًا حرام.
 
نعيش في منظومة ترى المرأة جسدًا للامتلاك، لا إنسانة للعيش معها.
 
جسدًا يُباح إن تعذّر الامتلاك… يُضرب، يُهان، يُخضع.
 
ومع الفقر، وغلاء الزواج، وسحق الشباب، وانعدام الأفق، ستتفاقم الأزمة:
شاب مسحوق، محبط، مكسور… سينفجر جنسيًا في وجه أول جسد أنثوي يمرّ، لأن النظام الاجتماعي لا يعترف إلا بثلاثية القمع:
قمع الحب، وقمع الرغبة، وقمع الكرامة.
 
النساء لا يحتجن إلى "ميكروباص بينك" بقدر ما يحتجن إلى تغيير في الوعي يقلب الطاولة على هذا النظام الاجتماعيّ المريض بأكمله.