“بِلاَ رُؤْيَا يَجْمَحُ الشَّعْبُ” — (أمثال ٢٩: ١٨)
دكتور بول غبريال - راعي الكنيسة العربية الكتابية - شيكاجو 
في مسيرتنا المسيحية، لا يكفي أن نُحسن السلوك أو نتمسّك بالمبادئ الأخلاقية الظاهرة. فالحياة في المسيح ليست مجرّد التزام خارجي، بل دعوة إلى عمقٍ يتطلب رؤيا روحية حية، وإعلانًا إلهيًّا يوجّه القلب قبل الفكر.
 
حين تغيب الرؤيا…
من دون رؤيا من الرب، يفقد الإنسان بوصلته الروحية. يتحوّل الجهد إلى روتين، والخدمة إلى واجب خالٍ من الروح. تبهت الغاية، ويخفت الشغف، وتصبح الحياة سلسلة من الأعمال المبعثرة، بلا معنى متماسك. بل إن الغياب الروحي قد يجعلنا ننجرف خلف أفكار بشرية، أو نُستَدرَج إلى معارك جانبية لا تعود بالمجد لله.
 
حين تشرق الرؤيا…
أما إذا انفتحت أعين القلب، واختبرنا نور الله يقودنا، فكل شيء يتبدّل. تتحوّل التحديات إلى فرص، والعوائق إلى صلوات، والتعب إلى تسبيح. لا يعود الهدف هو النجاح الظاهري، بل إرضاء المسيح. لا تعود الخسائر تُحسب خسارة، بل نراها فرصًا للربح الأبدي.
 
كما شهد الرسول بولس قائلاً:
“لكِنْ مَا كَانَ لِي رِبْحًا، فَهذَا قَدْ حَسِبْتُهُ مِنْ أَجْلِ الْمَسِيحِ خَسَارَةً… لِكَيْ أَرْبَحَ الْمَسِيحَ وَأُوجَدَ فِيهِ” — (فيلبي ٣: ٧–٩)
 
شهادة قلبية
كنتُ لسنواتٍ أركض في دوائر الاجتهاد العقلي والنية الصالحة، معتقدًا أني في الطريق الصحيح. لكن شيئًا ما كان ناقصًا… إلى أن أشرق الرب بنوره على داخلي، وكشف لي أن المسألة ليست كثرة الأعمال، بل وضوح الرؤية. منذ تلك اللحظة تغيّرت نظرتي، وصارت خطواتي تسير في ضوءٍ جديد، حيث لم تعد الحياة عبئًا، بل دعوة تمتلئ بالمعنى.
 
إنها الرؤيا التي تُلهم، وتُحيي، وتُرسِّخ الأقدام في طريق الرب. فهل تسير اليوم وفق رؤيا من السماء؟ أم تمضي في الطريق بعينين مطفأتين؟
 
“طَوِّبْنَا الَّذِينَ لَمْ يُرُوا وَآمَنُوا” (يوحنا ٢٠: ٢٩)… لكن الإيمان الحيّ لا يسير أعمى، بل يستنير برؤيا من فوق