القمص رويس الجاولى
تاريخ المسيحية في العراق
++++++++++++
يضع التقليد المسيحي دخول المسيحية لبلاد ما بين النهرين إلى القرن الأول الثاني. ففي " رواية منديل الرها» بحسب يوسابيوس يرسل الملك أبجر الأسود مستشاره حنانيا في طلب يسوع بعد أن سمع بمعجزاته ويدعوه إلى المجيء إلى مملكة الرها، غير أن يسوع يعطيه صورته منقوشة على منديل ويعتذر عن المجيء ويعده بإرسال مار أدي أحد تلامذته الاثنان والسبعون والذي ينشر المسيحية بمملكته.
يعتبر توما أحد التلاميذ الاثنا عشر أول من بشر بالمسيحية في بلاد ما بين النهرين وفارس بحسب التقليد المسيحي. وبحسب التقليد السرياني، فقد قام مار ماري تلميذ مار أدي بنشر المسيحية في بلاد الرافدين وبالتحديد ببابل وكرخ سلوخ (كركوك) في القرن الأول. غير أن ابن العبري يذكر أن مار أدي هو المسؤول عن نشر المسيحية في كل فارس وآشور وأرمينيا وميديا وبابل وغيرها، كما يوافقه في الرأي مؤرخون سريان آخرون مثل ماري ابن سليمان ومخطوطات تاريخ كنيسة المشرق منذ القرن السابع. ومن الواضح هنا أن حدياب (أربيل حاليًا) لعبت دورًا مركزيًا في تاريخ المسيحية المبكر في الإمبراطورية الفارثية وذلك بسبب انتشار اليهودية سابقًا بها. ويظهر هنا اسم أول أسقف على المدينة «بقيذا» الذي سيم بحسب التقليد سنة 104 للميلاد.
+ ظهرت المسيحية في القرن الأول الميلادي حيث كان معظم سكان العراق يعتنقون المسيحية، وبعض منهم اليهودية والمجوسية والمانوية وعبادة الأوثان، وبعد دخول المسلمين للعراق تضاءلت أعداد المسيحيين بشكل كبير على مدى عدة قرون لأسباب عديدة منها فرض الجزية واعتناق الناس الإسلام. أقدم كنيسة في العراق موجودة آثارها في محافظة كربلاء قرب بلدة عين تمر وهي تعد من أقدم الكنائس في العالم.
+ بحسب تقليد كنيسة المشرق يرجع أصل جاثليقها الثالث والرابع إلى عائلة يوسف النجار - خطيب العذراء وخادم سر التجسد - التي يفترض وصولها إلى قسطيفون من فلسطين. ويتطابق هذا مع رواية تاريخية تذكر قيام الإمبراطور الروماني دوميتيان بالبحث عن عائلة يسوع الناصري في فلسطين خلال حملة لاضطهاد المسيحيين وهو الأمر الذي دعا هؤلاء بحسب هذه الفردية إلى الهجرة إلى الإمبراطورية الساسانية أثناء الهجرة اليهودية في تلك الأثناء. ومن المعروف تاريخيًا أن المسيحية أصبحت بحلول القرن الثالث متوطدة في شمال ما بين النهرين وخاصة بمدينة الرها التي أصبحت في فترة مبكرة مركزًا ثقافيًا للمسيحية السريانية. وتظهر هيمنة الرها جليًا في اعتبار لهجتها الآرامية التي عرفت بالسريانية لغة ليتورجية لهذه الكنائس. ويبدو أن المسيحية انتشرت بسرعة شرقًا بعد أن قام أباطرة الساسانيين وخاصة شابور الأول بحملات على الإمبراطورية الرومانية كانت من نتائجها سبي عدد كبير من مسيحيي سوريا وقيليقية وكبدوكية، من ضمنهم بطريرك أنطاكيا الذي أصبح أول أسقف على «بيث لافط» (جنديسابور). ومن اللافت للنظر هنا أن هذا السبي أدى إلى حدوث ازدواجية في كنيسة فارس وذلك لتواجد كنيستين: سريانية ويونانية، وذلك حتى القرن الخامس. ويظهر ذلك في نقوش كاترير، الكاهن الأعظم للزرادشتية، والتي تذكر اضطهاد المسيحيين السريان (نصرايي) واليونان (كريستياني).
+ ويعود تاريخ المسيحية في كردستان إلى العصور المبكرة، ففي عام 338 للميلاد تحوّل حاكم كردي عُرف باسم تيرداد إلى المسيحية. ووفقًا للتقليد الكنسي نجح مار سابا في تحويل بعض من «عبَّاد الشمس» (وهي إشارة على الإرجح إلى أتباع اليزيدية) من الأكراد إلى الديانة المسيحية في القرن الخامس.