دكتور بول غبريال - راعي الكنيسة العربية الكتابية - شيكاجو 
في لحظة يأس وعجز، قال إسحاق لابنه عيسو:
“إِنَّنِي قَدْ شِخْتُ، وَلَسْتُ أَعْرِفُ.” (تكوين ٢٧: ٢)
كلمات قليلة، لكنها كافية لترسم صورة لنفسٍ كساها غبار السنين، وعيونٍ كلّت ليس فقط بالجسد، بل بالروح أيضًا.

كيف قال إسحاق هذا؟ أليس هو ابن الموعد، الذي جاء نتيجة وعد صريح من الله؟
“وَافْتَقَدَ الرَّبُّ سَارَةَ كَمَا قَالَ، وَفَعَلَ الرَّبُّ لِسَارَةَ كَمَا تَكَلَّمَ.” (تكوين ٢١: ١)
ألم يشهد بإيمانه معجزة السماء حين وُلد هو من مستحيل بشري؟
كيف قال “لستُ أعرف” وهو الذي اختبر العناية الإلهية في قمة جبل المريا؟
“فَدَعَا إِبْرَاهِيمُ اسْمَ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ: يَهْوَهْ يُرْأَهْ.” (تكوين ٢٢: ١٤)
لقد رأى بعينيه كيف يتدخل الله في اللحظة الفاصلة، ويهيّئ الذبيحة في وقتها.

كيف يقول ذلك وهو الذي صلى من أجل رفقة، وسمع الاستجابة بوضوح؟
“وَصَلَّى إِسْحَاقُ إِلَى الرَّبِّ لأَجْلِ امْرَأَتِهِ، فَاسْتَجَابَ لَهُ الرَّبُّ.” (تكوين ٢٥: ٢١)
أين ذهب كل هذا التاريخ الروحي؟ أين الذاكرة التي كانت تمتلئ بأمانة الله ومواعيده؟
ربما لم تضعف عيناه فقط، بل ضعفت رؤية القلب، وفقدان الرجاء.

وهنا يكمن التحذير لنا نحن، أولاد العهد الجديد:
"لا تدع الشيخوخة الروحية تسرق منك رؤيتك، وتُطفئ نار دعوتك".
لا تقل “لستُ أعرف” بينما أنت مدعوّ، مختار، ومملوء من الروح.
إن غابت الرؤية، فارجع لمخدعك.
وإن فتر الإيمان، فجدد عهدك.
وإن تسللت الحيرة إلى قلبك، فاذكر أن لك إلها لا يتغير.

كما قال بولس لتيموثاوس:
“فَاشْتَرِكْ فِي احْتِمَالِ الْمَشَقَّاتِ كَجُنْدِيٍّ صَالِحٍ لِيَسُوعَ الْمَسِيحِ.” (٢ تيموثاوس ٢: ٣)

وكما أوصى الكنيسة في رومية:
“مُجَاهِدِينَ مَعِي فِي الصَّلَوَاتِ إِلَى اللهِ مِنْ أَجْلِي.” (رومية ١٥: ٣٠)
لا تسمح لنفسك أن تشيخ داخليًا وأنت ما زلت في ساحة الجهاد الروحي.

قم، وجاهد، وتذكّر دائمًا أن الرب الذي افتقد سارة، وأعطى الذبيحة، وسمع الصلاة، هو هو أمس واليوم وإلى الأبد.