حمدي رزق
«الأكابر» جمع «أكبر» وتعنى كبار القوم، الأشراف، العظماء، ذوى المكانة فى مجتمعاتهم..
والكبير هو كُبْرُ قومه، أَكبرُهُم فى السِّن، أو فى الرئاسة، أو فى النسب، ومن صفات الكبير: إنسان عميق التفكير لا يحب التعامل مع السطحيين، يذبهم عن وجهه، ولا يراهم فى طريقه.
وفى تدريب الراوى (راوى الحديث الشريف) للعلامة جلال الدين السيوطى فصل (رواية الأكابر عن الأصاغر)، وهو ما يلفتنا من زاوية حياتية إلى (ثنائية الأكابر والأصاغر) فى الوسط الثقافى المصرى، والأصاغر بين ظهرانينا ملأوا الفضاء الإلكترونى طنينا، قدحًا وذمًا فى سيرة الأكابر.
أكابر الثقافة الوطنية فى تشكيلة المجلس الأعلى للثقافة يستحقون أفضل من هذا الاستقبال المحزن الذى جرت به ألسنة حداد محسوبة على الثقافة والمثقفين.
راجع أسماء الأكابر، وتمعن فى ما يمثلونه من قيمة ثقافية مضافة، وما قدموه من منتوج ثقافى عبر عقود، كل منهم قامة وقيمة يفخر بها وطن عظيم اسمه مصر.
الألسنة التى طالت تهكمًا، وسخرية، وتعريضًا بالأكابر، لا تسبطن معانى التوقير والاحترام، ولا تفقه فقهنا الذى شببنا عليه، كنا زمنًا ماضيًا نقبل الرؤوس البيض توقيرًا واحترامًا وتبركًا، ونعتقد: «من أكرم شاب شيخًا لسنّه إلا قيّض الله له من يكرمه عند سنّه».
ما هكذا تُورد الإبل، إذا صح التعبير فى هذا المقام، رفقًا بكبار السن فإنهم بزمن غير زمنهم الجميل، علمًا أن الجميع يكبر فى السن، ولكن المميزين هم من زاد بهم العمر وزاد معه النضج.
كبار السن (الأكابر) هم أعمدة البيوت الثقافية العريقة، ومصابيحها، هم النقاء والوفاء، يحبون لك الخير بلا مقابل، وعطاؤهم ليس له حدود، وإن وجدوك على طريق الخطأ قدموا لك النصح بقلب دافئ حنون دون طلبك للنصيحة، وفى النهاية اعتنوا بهم جيدًا قبل فقدانهم حتى لا يصيبكم الندم عما فاتكم من صحبة الأكابر.
أقتبس من تصريحات الدكتور «أشرف العزازى»، الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة (للأهرام): «إن التشكيل الجديد يضم قامات وطنية بارزة تُثرى المشهد الثقافى والفكرى المصرى وتمثل دعمًا لقوة مصر الناعمة، تلك القامات تمتلك من الخبرة الكافية والوفيرة لرسم السياسات الثقافية لمصر».
ماذا دهاكم؟ ماذا أصابكم؟ أتسخرون من الأكابر، وتتغامزون إلكترونيًا، وتغمزون فى جنوبهم الضعيفة، وتستأسدون عليهم، تبًا لكم وأفعالكم.
حنانيكم، كل اسم فى تشكيلة المجلس قيمة ثقافية مضافة، إذا لم يضم مجلس الثقافة مثل هذه القامات الثقافية، هل يغبطكم هذا الوحل الذى تترون فيه؟ تبًا لكم، دعاء بالخيبة والخسران.
بعضى يمزق بعضى، للأسف هذا هو سلوك بلدنا، هذا الحال فى الوسط الثقافى، الفجوة بين الأجيال أو (الفجوة الجيلية) تترجم اختلاف آراء جيل عن جيل آخر فيما يخص المعتقدات أو السياسات أو القيم، ولكنها ليست مدعاة للانتقاص، وبخس القيمة، والتهكم على الشيبة، والتعريض بالقامات.
سمعتها من كبير من الأكابر وقلبه كسير حزين: لسنا عبئًا على أحد، ولن نكون عبئًا على أحد، فقط كفوا عنا ألسنتكم، ألسنة حداد.
نقلا عن المصري اليوم