الاب جون جبرائيل الدومنيكانى
نصّ مجمع عقيدة الإيمان
القواعد المتعلّقة بالاستمرار في تمييز الظهورات أو الإيحاءات المفترضة
ملاحظةٌ تمهيدية
أصل هذه القواعد وطابعها 
خلال الدورة العامّة السنويّة في تشرين الثاني/نوفمبر ١٩٧٤، بحثَ الآباءُ في هذا المجمع المقدّس المشكلات المرتبطة بالظهورات المفترضة والإيحاءات المتّصلة بها غالبًا، وخلصوا إلى الاستنتاجات هذه:
١. إنّ أخبار هذه الظهورات تنتشر اليوم، أكثر من الماضي، بسرعة بين المؤمنين بفضل وسائل الإعلام. كما أنّ سهولة التنقّل من مكان إلى آخر تشجّع على كثرة الحجّ، بحيث ينبغي للسلطة الكنسيّة أن تميّز بسرعة في شأن هذه الوقائع.
٢. من جهةٍ أخرى، إنّ العقليّة الحديثة ومتطلّبات البحث العلمي النقديّ تجعل من الصعب، بل شبه المستحيل، إصدار أحكام بالسرعة المطلوبة كما كان يحدث في الماضي (حكم: ثابتة فوق الطبيعة، أو: غير ثابتة فوق الطبيعة)؛ وهي أحكام كانت تمنح الأساقفة المحلّيين إمكانية الإذن بالعبادة العلنيّة أو منعها، أو منع أشكال أخرى من التعبّد لدى المؤمنين.
لهذه الأسباب، ومن أجل أن يعبّر التعبّد الذي ينشأ بين المؤمنين بفعل وقائع كهذه عن ذاته في شركة كاملة مع الكنيسة، ويُثمر ثمارًا يمكن للكنيسة لاحقًا أن تميّز بفضلها الطبيعة الحقيقية لهذه الوقائع، رأى الآباء أنّه يجب اعتماد الإجراء الآتي:
عندما تُبلَّغ السلطةُ الكنسيّة بظهورٍ أو وحي مفترض، تقع على عاتقها المسؤولية:
أ) أوّلًا: الحكم على الواقعة حسب معايير إيجابية وسلبية (راجع أدناه، رقم I).
ب) ثمّ: إذا أدّى هذا الفحص إلى نتيجة إيجابية، يمكنها أن تسمح ببعض التعبيرات العلنية للعبادة أو التعبّد، تحت إشراف حذر للغاية (ما يعادل الصيغة: "لا مانع في الوقت الحاضر" – pro nunc nihil obstare).
ج) وأخيرًا: في ضوء الزمن المنقضي والخبرة، ولا سيّما بالنظر إلى خصوبة الثمار الروحيّة الناتجة عن هذا التعبّد الجديد، يمكنها أن تصدر حكمًا في شأن صدقيّة وطابع الوقائع الفوق الطبيعي إن كان الأمر يستحقّ ذلك.
أوّلًا. معايير للحكم، ولو على سبيل الاحتمال، على طابع الظهورات أو الإيحاءات المفترضة
 أ) معايير إيجابية:
أ) اليقين الأدبي أو على الأقل الاحتمال الكبير بوجود الواقعة، يُكتسب بواسطة تحقيق جدّي.
ب) ظروف خاصّة تتعلّق بوجود الواقعة وطبيعتها، أي:
١. الصفات الشخصية للمدعوّ أو المدعوّين (وبوجه خاص: التوازن النفسي، الأمانة والاستقامة في الحياة الأخلاقية، الصدق، الطاعة الاعتيادية للسلطة الكنسيّة، القدرة على العودة إلى مسيرة حياة إيمانية عادية...).
٢. في ما يخصّ الإيحاء: صحّة العقيدة اللاهوتيّة والروحيّة وخلوّها من الخطأ.
3. صحّة التعبّد ووفرة الثمار الروحية الدائمة (كروح الصلاة، التوبة، شهادات المحبة...).
 ب) معايير سلبية:
أ) خطأٌ واضح في شأن الواقعة.
ب) أخطاء عقيديّة منسوبة إلى الله نفسه أو إلى العذراء المباركة أو إلى أحد القديسين في مظاهرهم، مع الأخذ بالحسبان إمكانية أن يكون الشخص قد أضاف، حتى من دون وعي، عناصر بشرية صِرفة أو أخطاء طبيعية إلى وحي فوق طبيعي أصيل (راجع القديس إغناطيوس، الرياضات الروحيّة، رقم 336).
ج) دلائل البحث عن الربح أو المكاسب المرتبطة بالواقعة.
د) ارتكاب أفعال لا أخلاقية جسيمة من قبل الشخص أو أتباعه حين حدوث الواقعة أو في ارتباط بها.
هـ) وجود اضطراب نفسي أو ميول مرضيّة لدى الشخص أثّرت بشكل مؤكّد في الواقعة المفترضة فوق الطبيعية، أو حالات ذهانية، أو هستيريا جماعية، أو ما شابه.
يُلاحظ أنّ هذه المعايير، سواء كانت إيجابية أو سلبية، ليست قاطعة بل إرشادية، ويجب تطبيقها مجتمعة أو مع تقاطعات متبادلة.
ثانيًا. تدخّل السلطة الكنسيّة المختصّة
١. إذا نشأ تلقائيًا بين المؤمنين، بمناسبة واقعة مفترضة فوق طبيعية، نوع من العبادة أو التعبّد، تقع على عاتق السلطة الكنسيّة المختصّة واجب خطير بالتحقيق الفوري والسهر الدقيق عليه.
٢. إذا طلب المؤمنون ذلك بشكل مشروع (أي في شركة مع الرعاة، لا بدافع روح فِرَقي)، يمكن للسلطة الكنسيّة المختصّة أن تتدخّل للسماح أو التشجيع على بعض أشكال العبادة أو التعبّد، إذا لم يكن هناك ما يمنع بعد تطبيق المعايير أعلاه. لكن عليها أن تحرص على ألّا يفسّر المؤمنون هذه الممارسة كإقرار من الكنيسة بالطبيعة الفوق طبيعية للواقعة (راجع الملاحظة التمهيدية، ج).
٣. بحكم مهمتها العقائدية والراعوية، يمكن للسلطة المختصّة أن تتدخّل من تلقاء نفسها، بل ويجب أن تفعل ذلك في ظروف خطيرة، مثلًا لتصحيح أو منع إساءات في ممارسة العبادة والتعبّد، أو لإدانة عقيدة خاطئة، أو لتجنّب مخاطر تصوّف زائف أو غير لائق.
٤. في الحالات المشكوك فيها التي لا تهدّد بوضوح خير الكنيسة، على السلطة الكنسيّة المختصّة أن تمتنع عن أي حكم وأي عمل مباشر (إذ قد يحدث أن تسقط الواقعة المفترضة فوق الطبيعية في طيّ النسيان بعد فترة). ومع ذلك، لا يجوز لها أن تتوقّف عن اليقظة، بل عليها أن تتدخّل إذا لزم الأمر بسرعة وحذر.
ثالثًا. السلطات المختصّة بالتدخّل
١. قبل كل شيء، يقع واجب اليقظة والتدخّل على عاتق الأسقف المحلّي.
٢. يمكن لمجلس الأساقفة الإقليمي أو الوطني أن يتدخّل:
أ) إذا لجأ إليه الأسقف المحلّي بعد أن قام بدوره، ليفصل في الأمر بمزيد من اليقين.
ب) إذا كان الأمر يخصّ المستوى الوطني أو الإقليمي؛ دائمًا، مع موافقة مسبقة من الأسقف المحلّي.
٣. يمكن للكرسي الرسولي أن يتدخّل إذا طُلب منه ذلك إمّا من الأسقف المحلّي نفسه، أو من جماعة مؤمنين مؤهّلة، أو حتى مباشرة بحكم الولاية الجامعة للحبر الأعظم (راجع أدناه، رقم IV).
رابعًا. في شأن تدخّل مجمع عقيدة الإيمان
١. أ) يمكن أن يُطلب تدخّل هذا المجمع إمّا من الأسقف المحلّي بعد أن قام بدوره، أو من جماعة مؤمنين مؤهّلة. في هذه الحالة الثانية، يجب الانتباه إلى ألّا يكون اللجوء إلى المجمع مدفوعًا بأسباب مشبوهة (مثال: لإجبار الأسقف على تغيير قراراته الشرعية، أو لدعم جماعة فِرَقيّة...).
ب) من صلاحية المجمع أن يتدخّل من تلقاء ذاته في الحالات الأشدّ خطورة، خصوصًا إذا كانت الواقعة تمسّ الكنيسة بأكملها، وذلك دائمًا بعد التشاور مع الأسقف، بل ومع مجلس الأساقفة إذا تطلّب الوضع ذلك.
٢. من صلاحية المجمع أن يحكم ويوافق على طريقة تصرّف الأسقف، أو، بقدر ما يكون ممكنًا وملائمًا، أن يباشر تحقيقًا جديدًا في الأمر، مستقلًّا عن ذاك الذي أجراه الأسقف، ويتمّ إمّا بواسطة المجمع نفسه أو عبر لجنة خاصّة.
وافق على هذه القواعد، التي نوقشت في الجلسة العامة لمجمع عقيدة الإيمان،  الحبر الأعظم البابا بولس السادس في ٢٤ شباط/فبراير ١٩٧٨.
روما، مجمع عقيدة الإيمان، في ٢٥ شباط/فبراير ١٩٧٨.
فرانسيس كاردينال شپير
رئيس المجمع
جيروم هامر الدومنيكانيّ
أمين السرّ
إيقونة العذراء من الدير الأبيض بسوهاج، مصر
النصّ ترجمتي غير الرسميّة عن النصّ الإنجليزيّ:
Sacred Congregation for the Doctrine of the Faith, Norms regarding the manner of proceeding in the discernment of presumed apparitions or revelations, Vatican City: 25 February 1978. Approved by Pope Paul VI, 24 February 1978.
 
				 
										

 
									 
						 
						 
						 
						


