الكاتب
جديد الموقع
هل يطفئ مرسي الحريق ؟
بقلم : إسماعيل حسني
تقف مصر اليوم على شفا إنهيار شامل لم تعرفه في أحلك لحظات تاريخها الحديث، ولا تبدو في الأفق احتمالات واضحة للخروج من المأزق السياسي الراهن بعد أن تخلى الرئيس محمد مرسي عن دوره المحايد كرئيس للجمهورية وقام بتحويل الصراع السياسي إلى معركة تكسير عظام بينه كممثل لجماعة الإخوان المسلمين وبين سائر القوى الوطنية.
هذا الفشل من جانب الرئيس مرسي في أداء مهام منصبه قد وضع الأمة بأسرها بين مطرقة استمراره في سدة الحكم والسقوط في مستنقع الأخونة، وبين سندان إسقاطه وخلعه ومحاكمته وهو ما يقودنا حتما إلى المجهول، الذي يمكن لعصابات الإسلام السياسي الإرهابية أن تجعله بالغ الصعوبة والألم.
لقد أقسم الرئيس مرسي على أداء مهام محددة ألا وهي المحافظة على النظام الجمهوري، واحترام الدستور والقانون، ورعاية مصالح الشعب، والحفاظ على استقلال الوطن وسلامة أراضيه، إلا أنه خلسة قد نذر نفسه لمهمة أسمى تتناقض مع هذه المهام ألا وهي تمكين جماعة الإخوان وزرع عناصرها في جميع مفاصل الدولة والمجتمع.
وفي سبيل إنجاز هذه المهمة السامية تنصل الرئيس من كل الوعود التي قطعها على نفسه، وارتضى أن يكون مندوبا للجماعة في قصر الرئاسة يقتصر دوره على توقيع القرارات الرئاسية التي تعد في مكتب الإرشاد، ولم يتردد في الحنث باليمين الدستوري، فاعتدى على الدستور والقانون بحصار المحكمة الدستورية وإقالة النائب العام من أجل تعيين نائبا عاما إخوانيا، كما غض الطرف عن تزوير الإستفتاء من أجل تمرير الدستور الباطل، وأخيرا وليس آخرا أنه أمر أو لم يمنع قتل المتظاهرين في عدة مناسبات، وهي نفس التهم التي حكم فيها على الرئيس المخلوع مبارك بالسجن المؤبد.
ورغم أن هذه الجرائم قد أفقدت الرئيس المنتخب شرعيته، ودفعت أقرب حلفائه إلى التخلي عنه، إذ أنكرت الأحزاب والجماعات السلفية عناده وطالبته بالمرونة، وبدأ العديد من الكتاب الإسلاميين في انتقاده علنا وبقسوة وطالبوه بتغيير مستشاريه الإخوان والإستجابة لمطالب المعارضة، وخرج الفريق السيسي عن صمته وأطلق تصريحات تفوح منها رائحة الإنقلاب العسكري، فضلا عن الاستياء الواضح في الولايات المتحدة ودول الإتحاد الأوروبي من سياساته ومن تردي الأوضاع في مصر، إلا أن العقل لا العاطفة يجب أن تكون له الكلمة هنا.
لقد علمتنا ثورة يناير أنه من السهل إسقاط الأنظمة ولكن من الصعب بناءها، ومن ثم فإن إسقاط مرسي أو خلعه قد ينجح في إذلال تيار الإسلام السياسي ومعاقبته على سرقة الثورة، ولكنه سوف يعيد توحيد فصائله التي تمزقها الخلافات والإنشقاقات يوما بعد يوم، ويؤدي إلى إشعال آتون الإستقطاب في المجتمع، ويخلق ثارات لا تمحوها السنون بين القوى المدنية وبين التيارات الإسلامية، وسوف يعتبر هذا سابقة يتعمد كل فريق تكرارها في مواجهة أي رئيس يرشح أو ينتخب من الفريق المنافس، فتدخل البلاد لسنوات في دوامة لا تنتهي من الفوضى كما هو الحال في بنجلاديش وباكستان
لقد أحسنت جبهة الإنقاذ برفض دعوة مرسي لحوار بلا ضمانات، ونؤمن أن ضغط ثوارنا في الميادين كفيل بإجبار مرسي وجماعته على الخضوع وتوفير تلك الضمانات، فينعقد الحوار، وتشكل حكومة إنقاذ محايدة تشرف على تعديل الدستور، والنص فيه على إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية بعد إقراره، ومن ثم تنتهي ولاية مرسي دستوريا، ويكون من حقه إن واتته الشجاعة أن يترشح مرة ثانية في انتخابات تشرف عليها هذه الحكومة المحايدة.
إن مصلحة الوطن يجب أن تعلو اليوم فوق كل اعتبار، وفوق رفضنا لجماعة الإخوان المسلمين وما تمثله، ولا يجب أن يخضع العقلاء لابتزاز الشارع الثوري الذي يطالب بإسقاط مرسي، وإن كنا نطرب لسماع هذا الهتاف، ونرجو أن يتحول يوما إلى حقيقة تخدم قضية الديموقراطية ولا تضرها.
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :