الأب جون جبرائيل الدومنيكانيّ
قال رئيس الأساقفة هلدر كمارا يومًا:
«عندما أعطي الفقراء ليأكلوا، يدعونني قدّيسًا. وعندما أسأل: لماذا هم فقراء؟ يدعونني شيوعيًّا».

ضحّت طفلة بثمن كيس "شيبسي" لتقدّمه لعجوز فقير. فاحتفت وسائل الإعلام بـ"براءتها" وبـ"الحسّ الإنساني" الذي دفعها إلى هذه المبادرة الصغيرة. لكنّ الكاميرات لم تسلّط الضوء على العجوز نفسه: لماذا يُترك ليستعطي في الشوارع؟ لماذا يتشرّد؟ أي وزارة تخاذلت عن حمايته، وأي مؤسّسة اجتماعية قصّرت في ضمان كرامته الإنسانية؟

إن ما أعلنه هلدر كمارا منذ عقود لم يزل صالحًا حتّى اليوم: فالمجتمع، ومعه الإعلام، يفضّلان أن يجمّلا صورة الفقر عبر قصصٍ فرديّة عاطفية، بدلاً من أن يواجها الأسئلة البنيوية الصعبة عن الظلم والفساد والتقصير المؤسّسي.

إن الاحتفاء بالعاطفة الفردية من دون مساءلة البُنى السياسية والاجتماعية لا يقدّم خلاصًا حقيقيًا، بل يحوّل الفقر إلى مادّةٍ للاستهلاك العاطفي والإعلامي. بينما الدين، في جوهره، يدعو لا إلى "تزيين الجرح" بل إلى مواجهته: أن نسأل عن جذور الفقر، عن العدالة الغائبة، وعن الكرامة المهدورة.
الأب جون جبرائيل الدومنيكانيّ