الأب جون جبرائيل الدومنيكانيّ
من الضروري في الكلام عن شفاعة القدّيسين ووساطة يسوع المسيح أن نبدأ بتحديد للمصطلحات المستخدمة لتجنّب أيّ سوء فهم:
الشفاعَة (Intercession – intercedere باللاتينيّة):
  أصل الكلمة من اللاتينية  أي "أن يسير بين" أو "يتوسّط". وفي اللاهوت المسيحيّ تعني الصلاة أو التضرّع من أجل شخصٍ آخر. على سبيل المثال، عندما يطلب منك أحدٌ أن تصلّي من أجله، فأنت تمارس intercession (الشفاعَة).
الوسيط (Mediator باللاتينية، mesitēs باليونانيّة)
  تعني حرفيًّا "مَن يقف في الوسط". يشير "الوسيط" في علم اللاهوت إلى مَن يُصالِح بين طرفَين. ويؤكّد العهد الجديد أنّ يسوع المسيح هو الوسيط الوحيد بين الله والبشر: «لأنّه يوجد إلهٌ واحد ووسيطٌ واحد بين الله والناس، الإنسان يسوع المسيح» (١ تيم ٢: ٥).
إذًا: وساطة المسيح (Mediation of Christ) فريدة وجوهريّة، لكنّها لا تلغي وجود intercession (شفاعات) ثانوية مثل طلب الصلاة من الآخرين أو من القدّيسين.
الشفاعة في الكنيسة
تعلّم الكنيسة الكاثوليكية أنّ القدّيسين الذين رقدوا في نعمة الله ويحيون معه يظلّون في اتّحادٍ مع الكنيسة على الأرض في ما يُسمّى "شركة القديسين".
النقاط الرئيسة:
١. شركة القدّيسين 
الكنيسة جسد واحد في المسيح، مكوّن من: المؤمنين على الأرض (الكنيسة المجاهدة). القدّيسين في السماء (الكنيسة المنتصرة)، والجميع متّحدون بالمحبّة والصلاة.
٢. شفاعَة القديسين  
 بما أنّ القدّيسين أحياء في المسيح (يو ١١: ٢٥–٢٦؛ رؤيا ٦: ٩–١٠)، فهم قادرون أن يرفعوا الصلوات إلى الله من أجلنا. لذلك يطلب المسيحيّون من القدّيسين: "صَلّوا من أجلنا".
٣. الفرق بين شفاعة القدّيسين ووساطة المسيح 
شفاعة القدّيسين هي مشاركة وتعاون، وليست منافسة لوساطة المسيح الفريدة.
 نجد في "التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية": «المقيمون في السماء، المتّحدون أكثر بالمسيح، يثبّتون الكنيسة أكثر في القداسة… ولا يتوقّفون عن التشفّع للآب من أجلنا" (بند ٩٥٦). لكن يبقى المسيح "المخلّص والوسيط الوحيد":«لا يمكن أن يُحسَب أيّ مخلوق مع الكلمة المتجسّد والفادي؛ ولكن كما أنّ كهنوت المسيح يُشارِك فيه خدّامه والمؤمنون بدرجاتٍ مختلفة، كذلك وساطة الفادي الفريدة لا تُلغي بل تولّد أشكالًا متعدّدة من التعاون» (بند ٩٧٠).
٣. الأساس في الكتاب المقدّس واللاهوت
يُظهِر الكتاب المقدس طلب الصلاة من الآخرين: فبولس يطلب الشفاعة في رسائله (رومية ١٥: ٣٠؛ كولوسي ٤: ٣؛ ١ تسالونيكي ٥: ٢٥).
شفاعَة السماويين: (رؤيا ٥: ٨) تصوّر القديسين في السماء يقدّمون صلوات المؤمنين كالبخور أمام الله.
الأساس اللاهوتي: الكنيسة جسدٌ واحد في المسيح (١ كورنثوس ١٢: ١٢–٢٧)، والمحبّة والصلاة لا يقطعها الموت. فالقديسون، وقد كُمِّلوا في المحبّة، أكثر قدرة على التشفّع.
٤. الممارسة الكنسيّة
يوجّه المسيحيّون الصلاة "مع القدّيسين" وليس "إليهم" فهم ليسوا آلهة. فيطلبون من أي قدّي أن يصلّي من أجلهم.
تمام، خلّيني أقدّم لك الإجابة بالعربية مع إبقاء المصطلحات اللاتينية والإنجليزية بجانب العربية كما طلبت:
أخير: وماذ عن قدّيس معيّن شفيع لشيء محدد؟
الشفيع (Patron Saint – patronus) هو قديس يُعَدّ شفيعًا خاصًّافي الصلاة والشفاعة من أجل شخصٍ معيّن  أو جماعة (شعب، رهبنة، مهنة)، أو مكان (مدينة، بلد، إيبارشية) أو قضيّة معيّنة (مرض، حاجة حياتية، حالة خاصة).
كلمة شفيع تعني "الحامي" أو "المحامي"، وفي الإنجليزية وتعبّر عن دوره كشفيع ووكيل أمام الله. تعينه الكنيسة المجاهدة بشكل خاصّ وروحيّ بسبب قربٍ خاص. فمثلًا ترى الكنيسة أنّ بعض القديسين، بسبب حياتهم الأرضية أو استشهادهم أو دعوتهم، لهم قرب خاص أو "أُلفة روحيّة" مع أوضاع معيّنة.
أمثلة: القدّيس يوسف شفيع الكنيسة الجامعة، العائلات، العمّال.
 القديس فرنسيس الأسيزي شفيع للحفاظ على الحيوانات، والبيئة، والسلام. فهو كان مشهورًا بالتزامه بالسلام ومحبّة الطبيعة.
الهدف رعوي وروحيّ: مساعدة المؤمنين أن يربطوا صراعات حياتهم اليومية بنعمة الله من خلال مثال القدّيس وشفاعته. ذلك القدّيس الذي عاش أوضاعًا مثلنا وحافظ علي أمانته للمسيح.
باختصارٍ:
الشفاعَة تعني الصلاة من أجل الآخرين.
الوسيط هو مَن يُصالِح بين طرفَين (يتحقّق بشكلٍ فريد في يسوع  المسيح).
الكنيسة تعلّم أنّ القدّيسين، المتّحدين بالمسيح في السماء، يشفعون من أجلنا. وهذه الشفاعة ممكنة بفضل "شركة القدّيسين"، لكنها دائمًا تعتمد على وساطة المسيح الفريدة. وفي نهاية الأمر حينما يوجد شفيعٌ ما تعينه الكنيسة لأمر ما، فهو يحدث في إطار الشركة بين الكنيسة المنتصرة والمجاهدة، والمثال الحيّ الذي يقدّمه القدّيس في اتّباعه للمسيح.
الأب جون جبرائيل الدومنيكانيّ
 
				 
										

 
									 
						 
						 
						 
						


