شريف منصور
في عالم اليوم، تتعرض القيم المسيحية والأخلاقية لهجوم غير مسبوق. هناك من يريد أن يُقنعنا بأن محبة الوطن تتناقض مع الإيمان بالمسيح، وأن الدفاع عن الهوية الوطنية أمر عنصري أو متخلف. بينما في الحقيقة، لا يوجد أي تعارض بين الوطنية الحقيقية والإيمان بالمسيح. بل على العكس، فمحبة الوطن هي امتداد لمحبة الله، لأن حماية الأرض والعائلة والمجتمع هي وصية إلهية تنبع من روح الإنجيل نفسه.
صورة شارلز كيرك، وهو ملفوف بالعلم الأمريكي ويحمل الكتاب المقدس، ليست مجرد مشهد رمزي، بل رسالة قوية تقول: لا انفصال بين الوطن والإيمان. فالذي يحب المسيح لا يمكن أن يفرط في وطنه، والذي يحب وطنه بحق لا يمكن أن يهمل وصايا المسيح.
الليبرالية المزيفة وشعاراتها الخادعة
الغريب أن اليسار الليبرالي، الذي يزعم الدفاع عن حقوق الإنسان، يتعامل مع الحقوق بشكل انتقائي يخدم تفكيك المجتمع وضرب القيم المسيحية.
نرى ذلك بوضوح في أمور مثل:
• السماح للرجال بدخول غرف خلع الملابس الخاصة بالنساء والفتيات بحجة “الهوية الجندرية”.
• إلغاء خصوصية الرياضة النسائية بفرض مشاركة الرجال في مسابقات النساء.
• تقسيم المجتمع على أساس العِرق واللون والجنس بدلًا من اعتباره وطنًا واحدًا للجميع.
• فرض مناهج تعليمية تُشجع على الانحلال الأخلاقي وتشوه هوية الأطفال منذ الصغر.
هذا ليس دفاعًا عن الحقوق، بل هو تدمير متعمد للأسرة، وللأخلاق، وللوطن. ومن هنا يطرح السؤال نفسه: من المستفيد من تفكيك المجتمع الغربي بهذه الطريقة؟
المستفيد الحقيقي: أعداء الحضارة المسيحية
النتيجة التي نراها واضحة: مجتمعات مُنهكة، شباب بلا هوية، أسر تتفكك، وعنف متزايد ضد من يجرؤ على التعبير عن رأي مخالف. هذا الانحدار الأخلاقي لا يخدم الشعوب، بل يخدم أعداء الحضارة المسيحية الذين يريدون إسقاط الغرب من الداخل، بعد أن عجزوا عن مواجهته عسكريًا أو اقتصاديًا.
المسيحية والوطنية: وجهان لعملة واحدة
الخلط بين الوطنية والعنصرية هو أكبر خدعة يُروج لها اليسار. الوطنية ليست كراهية الآخر، بل هي التزام بوحدة المجتمع، بعدل ومساواة، تحت مظلة المسيحية التي تعلّم أن كل إنسان مخلوق على صورة الله. المسيحية لا تفصل بين الحق والعدل، ولا بين الحرية والانضباط. إنها تدعو إلى المحبة التي تحمي، لا المحبة التي تُبرر الفوضى والانحلال.
الصورة التي تجسد شارلز كيرك أمام جبل راشمور، بالعلم الأمريكي والكتاب المقدس، هي صرخة تقول: الوطنية المسيحية هي الأمل الأخير لإنقاذ الحضارة الغربية من الانهيار.
من واشنطن وأوتاوا وأوروبا إلى القاهرة: الحرب على المسيحية واحدة
ما يعيشه الغرب اليوم من هجوم على القيم المسيحية، يعيشه الأقباط منذ قرون في مصر. فالنظام الحاكم يستخدم نفس الأسلوب: تفتيت المجتمع، تهميش الأقباط، وحرمانهم من حقوقهم الأساسية بحجة “الوحدة الوطنية”، بينما في الحقيقة هي سياسات اضطهاد مقننة.
المسيحي في الغرب مُهدد بهويته وقيمه الروحية، والمسيحي القبطي في مصر مُهدد بوجوده وحقوقه وحريته. إنها معركة واحدة ضد روح الظلمة التي ترفض الحق وتُحارب نور المسيح. لذلك، فإن التضامن المسيحي العالمي ضرورة، لأن ما يحدث في واشنطن أو أوتاوا أو أوروبا أو القاهرة ليس إلا فصولًا من حرب واحدة: حرب ضد المسيح وقيمه