شريف منصور
منذ تأسيس ما يُسمى بـ “جامعة الدول العربية” سنة 1945، لم تكن هذه المؤسسة يومًا صوتًا للعقل أو التنمية أو التعاون الحقيقي، بل كانت مجرد منبر للكراهية. لم تُبنَ على مشروع اقتصادي أو علمي أو حضاري، بل على أساس واحد: العداء لليهود. حتى قبل قيام دولة إسرائيل رسميًا سنة 1948، كان الخطاب العربي مهووسًا باليهود، كأن مستقبل الأمة متوقف على إلغائهم من الوجود.
 
لكن الحقيقة أن هذا العداء لم يبدأ في العصر الحديث، بل له جذور عميقة في التراث الإسلامي نفسه. فمنذ مثل ما حدث فى  يثرب، وما جرى من مذابح لبني قريظة وبني النضير وخيبر، وحتى الأحاديث والآيات التي وصفت اليهود بأسوأ الصفات، كان الحقد الديني هو القاعدة. ما نراه اليوم ليس سوى امتداد طبيعي لذلك التراث الدموي.
 
مصر: من عبد الناصر وحتى الآن 
مصر التي كان يُفترض أن تكون مركز حضاري وريادي للأمة، تحولت إلى ساحة مغامرات وشعارات فارغة:
 • جمال عبد الناصر: رفع شعارات القومية العربية والزعامة، وانتهى به الأمر إلى هزيمة كارثية في 1967 وضياع سيناء، تاركًا مصر فقيرة ومنهكة.
 • أنور السادات: حقق بعض المكاسب العسكرية في 1973 لكنه لم يستثمرها، بل فتح الأبواب أمام التيارات الإسلامية وأطلق المتطرفين من السجون، فزرع بذور الإرهاب الذي مازال يدمّر مصر حتى اليوم.
 • حسني مبارك: حكم بسياسة الجمود، لا حرب ولا سلام حقيقي، وترك المؤسسات الدينية (الأزهر، الأوقاف، الإعلام الديني) تنخر في عقول الأجيال.
 •  والسلطة الحالية: جمعت كل الكوارث السابقة في وصفة مدمرة: شعارات عبد الناصر + إرث السادات الإسلامي + استبداد مبارك، وأضاف عليهم الأداة الأخطر وهي الأزهر والتعليم الديني والأوقاف، ليُكرّس مصر دولة تُدار بالدين والشعارات بدلًا من العقل والتنمية.
 
التناقض 
رغم معاهدة السلام القائمة منذ 1979، يصر الرئيس المصري على وصف إسرائيل بـ”العدو”. أي رسالة يبعثها للعالم؟ . بهذا تُفقد مصر أي احترام أو ثقة دولية، وتظهر كدولة لا تلتزم بما توقع عليه من اتفاقيات.
 
الثمن يدفعه الوطن والمواطنون الأقباط
الحكومات المتعاقبة التى ترفع شعار الدين وضعت أمن مصر القومي واقتصادها في مهب الريح، ليس من أجل الوطن، بل خدمةً الدين  وشعاراته الفارغة. وجاء ذلك دائمًا على حساب حقوق الوطن نفسه، وعلى حساب المواطنين الأقباط، الذين وُضعوا تحت نيران  الإسلاميين المتطرفين، وكأنهم غرباء في بلدهم، بينما هم الأصل والجذر.
 
المقارنة الفاضحة مع الخليج
بينما اختارت دول الخليج أن تبتعد عن شعارات الكراهية وتبني مدنًا حديثة، واقتصادًا عالميًا، وبنية تحتية متقدمة، ما زالت مصر غارقة في الخطاب الديني والخرافات. الخليج تجاوز الأزهر والشعارات، أما مصر فقد كبّلت نفسها بقيود رجال الدين، فأصبحت تعيش في قاع التخلف.
 
الخلاصة
جامعة الدول العربية لم تكن يومًا جامعة للشعوب، بل جامعة للكراهية. وإذا استمرت مصر في السير على خطى عبد الناصر والسادات وحتى الآن ، فلن تقوم لها قائمة. الأمم لا تُبنى بالعداء ولا بالتحريض، بل بالعلم والحرية والعمل. مصر لن تنهض إلا إذا تخلت عن وهم “الزعامة الإسلامية” وتحررت من قبضة دمج الدين بالسياسة  الأزهر وخطاب الكراهية، وعادت لتكون وطنًا لكل أبنائها، مسلمين وأقباطًا، دون تمييز.