كمال زاخر
أرسل لي أحد الأصدقاء فيديو نشره موقع "فكر الآباء" يحتوي علي البيان الذي اصدرته الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، مؤخراً، بشأن ظهور شخص بزي كهنوتي يشبه الزي الكهنوتي القبطي، ويلي البيان رد هذا الشخص عليه، وفيه يعلن انه لا يتبع أياً من الكنائس (الطوائف) المسيحية الثلاث، وأنه كنيسة مستقلة في جمهورية مصر العربية، تحت مسمي كنائس تتبع كاتدرائية القديسة مريم، ولم يذكر طبيعة ونظام ومرجعية هذا الكيان.
وقد شاهدت هذا المحتوى، بتدقيق، ولي بعض الملاحظات الأولية
ان الزي الكهنوتي لا توجد موانع قانونية تحول دون ارتدائه ومن ثم لا تجريم له.
ان الكيان كما اشرنا مبهم، غير معلوم ابعاد تكوينه أو قانونيته أو شرعيته.
الفيديو يؤكد، من خلال سياق كلام هذا الشخص تبنيه لتيار اللاطائفية، على غرار ما تنادي به جمعيات خلاص النفوس، والتي تقبل من يأتي اليها من كل الطوائف، وتُعَلِّم بأن من حق الأعضاء الصلاة في كنائسهم (بحسب اعتقاداتهم الآتين منها) ثم يجتمعون معا في اجتماعات هذه الجمعيات التي تمارس عبادتها بشكل يتطابق مع نظم الطائفة الانجيلية. ولكنها تبقى جمعيات مستقلة تخضع لوزارة التضامن الإجتماعي.
علاج هذا الأمر ، فيما يتعلق بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية، من وجهة نظري، يسير في اكثر من محور:
* العمل على تقنين الزي الكهنوتي، وان كان هذا أمر معقد لتنوع وتشابه هذا الزي بين الكنائس التقليدية المختلفة، اقباط، سريان، كلدان، روم ... الخ، بإسناد
الأمر للجنة قانونية، مدنية كنسية، تؤصل حق تسجيل الزي الكهنوتي قانوناً، وتوثق رؤيتها في هذا توطئة لتقديمها للدولة موقعاً عليها من مختلف الكنائس التقليدية الموجودة بمصر.
مراجعة منظومة التعليم عندنا ليعود لاهوت التجسد الى المركز فيه، في مختلف دوائر التعليم، بحسب الزخم الآبائي، والتوقف عن تيار حيازة الكنائس لرفات القديسين بالشكل الذي صار إليه، الذي كاد أن يحل محل شخص المسيح، وتحول الى استثمار مادي ومالي مفزع.
إعادة النظر في سيطرة الفكر الرهباني على فضاء الكنيسة، والذي يتبناه كثير من الأساقفة تأثرا بخلفياتهم التكوينية.
مراجعة العلاقة بين الأساقفة والكهنة على اساس وحدة الكهنوت، فالفرق تدبيري تنظيمي فقط، ويتطلب ذلك التخلص من مظاهر التمايز التي تمنح للأساقفة. وكذلك العودة للنسق القبطي الصحيح بالغاء احتفالات الجلوس والرسامة والرهبنة والميلاد!!!.
مراجعة ضوابط اختيار الرهبان لرتبة الاسقفية وهذا يتطلب عودة نظام مدرسة الرهبان لإعدادهم فكريا ولاهوتياً ورعوياً وإدارياً لرتبة الأسقفية.
تكرار ظهور هذا النموذج مع اختلاف منطلقاتهم
(صاحب الواقعة يتخذ اسم القس بولس فرج الله وهو من خلفية علمانية، والاب دنيال البرموسي من خلفية رهبانية، والشماس مكس ميشيل، وهو من خلفية اكليريكية، والذي انتسب لكنيسة ارثوذكسية روسية بالولايات المتحدة، وأقام كنيسة تابعة لها بمصر، ورُسم بطريركاً عليها بأيدي اساقفة تلك الكنيسة، وحول جمعيته بالمقطم الي كنيسة ومقراً له.
وقبل كل هؤلاء القمص هابيل توفيق، وهو من خلفية كهنوتية، الذي حول جمعية البابا كيرلس بمصر القديمة الى كنيسة مستقلة ونصب نفسه بطريركا لطائفة مستقلة، وخاض صراعاً قضائيا أمام مجلس الدولة للاعتراف به.)
واستطاعوا في كل مرة تحقيق شعبية بدرجات متفاوتة، ولافتة، تكشف عن تعطش الرعية لمن يشبع حاجتهم لتعليم مباشر عن المسيح ويملأ الفراغ اللاهوتي عندهم.
نحن لا نصطدم مع اشخاص، لكن نسعى لأن تقر الكنيسة القبطية الأرثوذكسية حاجتها الى وقفة مع النفس، تلتقط فيها الأنفاس من دوامات تتصارع فيها في أمور تحتاج مراجعة وضبط، أشرنا إلى بعضها هنا، حتى تستطيع ان تحقق هدفها المكلفة به من المسيح اقتداءاً بالرسل والآباء.





