بقلم الأب يسطس الأورشليمى
أولاً: أثبتوا مُمنطقين أحقاءكُم بالحق، فتثبت وتمنطق وسطك، بالتمسك بوعود الله، وبالمسيح الغالب المنتصر علي الخطية، الذي قال: مَن منكم يبكتني علي خطية ؟! (يو46:8)، متمسكين دائماً بحياة التوبة، والاعتراف والتناول من الأسرار الإلهية المقدسة، وممارسة وسائط النعمة..
ثانياً: لابسين درع البرّ، أي أن نرتدي، ونكتسي بدرع البرّ الرب يسوع المسيح القائم من الأموات، مستأسرين كل فكر إلي طاعة السيد المسيح (2كو5:10)، والذي يلبس البرّ كفضيلة (المسيح برّنا)، ألبسوا الرب يسوع المسيح، ولا تصنعوا تدبيراً للجسد لأجل الشهوات (رو14:13)، ولا يمكن للعدو الشرير أن ينفذ إلي داخله (يو30:14)..
ثالثاً: حاذين أرجلكم باستعداد إنجيل السلام، فترتدي الحذاء الذي يغطي القدم ويحميه من لدغات الحية القديمة ( إبليس)، بالاستعداد للسير مع الرب في طريق الآلام إلي جبل الجلجثة، وتكونون مبغضين من الجميع من أجل أسمى، ولكن الذي يصبر إلي المنتهى فهذا يخلص (مت22:10)، وجميع الذين يُريدون أن يعيشوا بالتقوى في المسيح يسوع يضطهدون(2تى12:3) مع وعد من الرب بتعزيات السماء لهم، إذ قال: لا تخافوا من الذين يقتلون الجسد ولكن النفس لا يقدرون أن يقتلوها..الخ، فما أجمل أقدام المبشرين بالسلام المبشرين بالخيرات ( إش7:52؛ رو15:10)..
رابعاً: حاملين فوق الكل تُرس الإيمان، الذي به تقدرون أن تطفئوا جميع سهام الشرّير الملتهبة، لأننا بالإيمان نسلك لا بالعيان (2كو7:5)، لأن كل مَن ولد من الله يغلب العالم (بالمسيح الذي فيه)، وهذه هي الغلبة التي تغلب العالم: إيماننا (1يو4:5)..
خامساً: خذوا خوذة الخلاص، أي محتمين بالصليب لحماية الرأس والفكر من طياشة الأفكار، لأنه ليس بأحد غيره الخلاص، ليس أسم آخر تحت السماء قد أعطى بين الناس، به ينبغي أن نخلص ( أع12:4)..
سادساً: سيف الروح الذي هو كلمة الله، وهو سلاح هجومي فعّال ومؤثر، وحاسم في المعركة، فنحارب العدو بالمكتوب في الكتاب المقدس ونتمثل بالسيد المسيح في حربه مع إبليس (مت1:4-10؛ عب12:4) لأن كلمة الله حيّة وفعّالة وأمضى من كل سيف ذي حدّين، وخارقة إلي مفرق النفس والروح والمفاصل والمخاخ، ومُميزة أفكار القلب ونياته..
أما الإمدادات، والمؤنة، والذخيرة الفاقدة، نتيجة حرب الاستنزاف في المعركة، فنعوضها في قوله: مصلين بكل صلاة وطلبة كل وقت في الروح اسهروا وصلوا لئلاّ تدخلوا في تجربة، أما الروح فنشيط وأما الجسد فضعيف (مت41:26؛ 1بط7:4؛ 2بط12:3)، ومن القِسمَ الجميلة الرائعة التي تصليها الكنيسة دائماً: " يا لعظم حبك، نعم هو حبك العظيم الذي يجعلك تقبل كل ذلك العذاب من أجلي، يا رب يسوع إذا رأيتني غصناً يابساً ثبتني فيك غصناً حياً أيها الكرمة الحقيقية"..الخ، أنظر (يو4:15- 7)..
فمحبة السيد المسيح تحصرنا (رو5:5؛ 2كو14:5)، وقد انسكبت في قلوبنا بالروح القدس المُعطى لنا، متذكرين قول الكتاب المقدس: الذي لم يُشفق علي ابنه، بل بذله لأجلنا أجمعين، كيف لا يهبنا أيضاً معه كل شيء ؟ (رو32:8-39؛ يع17:1) لأن كل عطية صالحة وكل موهبة تامة هي من فوق، نازلة من عند أبى الأنوار، الذي ليس عنده تغيير ولا ظل دوران ولنقل بصيحة الانتصار: في هذه جميعها يعظم انتصارنا بالذي أحبنا، لأن مَن سيفصلنا عن محبة المسيح ؟! وأمّا نحن الذين من نهار، فلنصح لابسين درع الإيمان والمحبة، وخوذةً هي رجاء الخلاص (1تى8:5؛ 2تي7:1) لأن الله لم يُعطنا روح الفشل، بل روح القوة والمحبة والنصح..
+ يقول القديس مار إسحاق: إن الشيطان حينما يرى إنساناً لابساً حُلة الاتضاع، يرتعب منه لأنه يرى فيه صورة خالقه الذي هزمه..
وتسربلوا بالتواضع، لأن الله يقاوم المستكبرين، وأمّا المتواضعون فيعطيهم نعمة، فتواضعوا تحت يد الله القوية لكي يرفعكم في حينه، مُلقين كل همّكم عليه، لأنه هو يعتني بكم...الخ (1بط5:5-9)..
الصبر دواء لكل داء، ومادة الصبر لا توصف مرارتها، وابتلاعها خير من مضغها، ونسياننا متاعب وهموم الحياة خير من التفكير فيها، لأن أي جرح لا يُشفى إلاّ بالتدريج، فعظائم الأعمال لا تتم بالقوة، بل بالصبر، ولنتمثل بأيوب الذي قال: عُرياناً خرجتُ من بطن أمّي وعُرياناً أعُود إلى هناك، الرّب أعطى والرب أخذ فليكن اسم الرّب مُباركاً (أي21:1)..
من مُشجعات الصبر النظر والتأمل في آلام السيد المسيح على الصليب كما يُضاف إلى الصبر، الإيمان والرجاء والمحبة، لأننا به نحيا ونتحرّك ونُوجد، أنظر(أع28:17؛ 1كو13:13)، مثال إستفانوس وصبره وصفحه لقاتليه، حيث قال: يارب، لا تُقم لهم هذه الخطية (أع60:7)..
فلنتمسك بوعود الرب، وليقل الضعيف بطل أنا، أستطيع كل شيء في المسيح الذي يقويني، لأني حينما أنا ضعيف فحينئذٍ أنا قوي، فتشدد وتشجع لا ترهب ولا ترتعد، لا يقف إنسان في وجهك كل أيام حياتك، ها أنا معك وأحفظك حينما تذهب، لا تخف لأني معك، لا تتلفت لأني إلهك، قد أيدتك وأعنتك وعضدتك بيمين بري، لا تخف لأني فديتك دعوتك باسمك..