شريف منصور
فخامة الرئيس،
أنا شخصيًا أتمنى لك النجاح في حماية مصر من الوقوع في براثن الإرهاب الديني. ليس من موقع النقد التحريضي، بل من موقع المحبة الصادقة لوطنٍ جمعنا، ومن الحرص على أن يظل هذا الوطن قائمًا على العدالة والمواطنة لا على التفرقة والتمييز.
 
لكن، إن كان اعتقادك أن زيادة مظاهر التدين هي التي تحمي مصر، فهنا أختلف معك بكل محبة. فالتدين حين يتحول إلى مظاهر يصبح ستارًا يُخفي داخله فسادًا أخلاقيًا، وانحدارًا اجتماعيًا، وتراجعًا في الوعي الوطني.
 
يا سيادة الرئيس، أمامك فرصة عظيمة للخروج بمصر من المستنقع الذي صنعه من سبقوك، منذ أن فتح أنور السادات الباب لتيارات الإسلام السياسي، وسمح للدين أن يتسلل إلى مؤسسات الدولة والتعليم والقضاء والإعلام.
 
اليوم، نرى العنصرية الدينية تُمارس جهارًا:
 • شباب يُرفضون في وظائف الدولة لأنهم مسيحيون.
 • قرى تُمنع فيها الصلاة للمسيحيين بحجة “عدم وجود ترخيص”، بينما تُبنى المساجد بلا قيد.
 • أحكام قضائية تُصدرها محاكم  تُكرّس التمييز بدل أن تهدمه.
 • إعلام رسمي يُمجّد خطابًا دينيًا يقسّم المصريين إلى “نحن” و”هم”.
 • غياب فى تطبيق القانون  تُبرَّر بالصلح العرفي بدل أن تُواجه بسيادة القانون.
 
كل هذا يحدث تحت رئاستك، وفي عهدك، يا فخامة الرئيس.
ولأننا نحترمك ونُقدّر نيتك الصادقة في حماية الوطن، نسألك بمحبة: ماذا أنت فاعل يا سيادة الرئيس؟
هل ستسمح لهذا التيار الديني أن يبتلع مصر؟ هل ستترك شيخ الأزهر وغيره من أصحاب العمائم يضعون الخطوط الحمراء فوق السلطة ؟ هل ستصمت أمام قضاء فقد جزءًا من عدالته تحت ضغط النصوص والتأثيرات؟
 
وأقولها بكل صراحة ووضوح: إن التقاعس سيقود مصر للسقوط — وإذا سقطت مصر فستكون مسؤولية هذا السقوط التقاعس لعلاج هذه الأوضاع .
 
يا سيادة الرئيس، التاريخ يكتب الآن، والفرصة ما زالت بين يديك. اصنع العبور الثاني لمصر — عبور من دولة المظاهر والشعارات إلى دولة العدالة والعقل. اجعل مصر لكل المصريين، لا لدينٍ واحد ولا لفكرٍ واحد. ولك منا، رغم الاختلاف، كل الاحترام، لأننا نؤمن أن الإصلاح يبدأ حين يسمع القائد صوت من يحب الوطن حقًا.