بقلم الأب يسطس الأورشليمى
 (1) سرّ المعمُودية المُقدسة..
لأنه كما في آدم يمُوت الجميع، هكذا في المسيح سيُحيا الجميع، فالرّب يبدأ الحياة بالدفن والإماتة، في آدم تبدأ بحياة وتنتهي بالمُوت، أما في الرّب يسوع، فتبدأ بمُوت وتنتهي بحياة أبدية (يو34:19؛ رو14:5؛ 1كو22:15) والمسيح عندما طُعن بالحربة في جنبه، خرج دم (مُوت)، وماء (حياة)، فالمعمُودية دفن كامل في الماء والنار، والرّب غضب على العالم:
 
أولاً: حينما أهلك العالم بالطُوفان، أي بالماء (تك13:6)..
 
ثانياً: حينما أهلك سدُوم وعمُورة، وحرقها بالنار(تك28:19)..
لأن غضب الله مُعلن من السماء على جميع فُجور الناس وإثمهُم، الذين يحجزُون الحقّ بالإثم (رو18:1؛ 1تس10:1)، وتنتظرُوا ابنه من السماء الذي أقامه من الأمُوات، يسوع الذي يُنقذنا من الغضب الآتي..
 
والفُلك رمز للمسيح الذي اخذ الغضب نيابةً عنا، أنظر(1بط20:3-22) لكن هل من الممكن أن تتفق المياه مع النار؟!
نقُول: أن المياه تطفىء النار، وهناك مياه تتّحد مع النار، وهي مياه الكهرباء التي تجعل المياه تغلي، لذلك نقُول: أرعد يارّب على المياه، أي كهرب (مز28)، ونحنُ جُزنا المياه والنار، أي الغضب وذلك بالإيمان في مياه المعمُودية المُقدسة، باسم الآب، والابن، والرُوح القُدس..
 
جُزنا في النار والماء، ثم أخرجتنا إلى الرحب (مز66)، فالآب جذبني ووضعني أمام الابن، والروح القدس أضاء عيني على الابن، والابن أخذني بالرُوح القُدس، وقدمني للآب الذي بدم الابن خلّصني وطّهرني، فصرت بلا عيب ولا دنس، لذلك أول مصباح هُو تمزيق صك خطايانا الماضية..
 
ففي المعمُودية أصبحت في حُكم المُوت، ومُزق صك خطاياك، فتقُول: مع المسيح صُلبت، فأحيا لا أنا بل المسيح يحيا فيّ، لذلك ربط المعمُودية المُقدسة بالماضي في تسديد الديُون السابقة، أما الميرُون المُقدس أي التثبيت بالرُوح القُدس، فيتعامل مع الحاضر، لأن في المعمُودية تبرّرنا بعد أن أخذ العقُوبة بدلاً عنا، والماضي بخطاياي الثقيلة قد غطس في مياه المعمُودية، والحاضر تثبّت في سرّ الميرُون، بعد أن أعطانا قُوة من الأعالي وقال: لكنّكُم ستنالُون قُوةً متى حلّ الرُوح القُدس عليكُم، هذا هُو المصباح الثاني سرّ الميرُون، الذي يأخذ مما للمسيح ويُعطينا..
 
(2) سرّ الميرُون المُقدس..
كما قلنا سابقاً أن المصباح الأول المعمُودية يتعامل مع خطايا الماضي والمصباح الثاني الميرُون يتعامل مع خطايا الحاضر، أما بقية المصابيح فتتعامل مع المُستقبل، لأن الإنسان العتيق فينا لم يمت بعد المعمُودية، إنما حُكم عليه بالإعدام، وصدر الحكم الفعلي عليه عند خروج الرُوح من الجسد لذلك فهُو شرس جداً، لأن الإنسان الخاطيء شبعان من الخطية وليس فيه خُوف الله، بينما المُؤمن يقُول: أقمع جسدي واستعبده ..
 
أنظر الكتاب المُقدس (1كو27:9؛ في13:4؛ 2تي5:2)..
قد تناهى اللّيل وتقارب النهار، فلنخلع أعمال الظُلمة ونلبس أسلحة النُور، بل البسُوا الرّب يسوع المسيح، ولا تصنعُوا تدبيراً للجسد لأجل الشهُوات، أنظر (رو11:13-14؛ أف10:6-18)، ونتحلى بحمل سلاح الله الكامل، مُصلّين بكل صلاةٍ وطلبةٍ كُل وقت في الرُوح، وساهرين لهذا بعينه بكُل مُواظبةٍ وطلبةٍ، والبسُوا المحبة التي هي رباط الكمال، وليملك في قلوبكُم سلام الله، ولتسكن فيكُم كلمة المسيح بغنىً (كو12:3)..
 
(3) سرّ التُوبة والاعتراف.. 
عندما تعترف بخطاياك تستريح نفسيتك وتجُوع وتشتاق إلى الرّب يسوع وتقُول: مستعد قلبي يا الله، مستعد قلبي، على الله تُوكلت فلا أخاف شيءً (مز56: مت6:5)، وطُوبى للجياع والعطاش إلى البرّ، لأنهم يُشبعُون، ثم تشبع وتحيا بالمسيح، لكن قد تقُول: لماذا الكاهن بالذات؟! أليس هُو خاطيء مثلنا، فلماذا أذهب واعترف إليه؟! الإنسان يستطيع أن يحكم على كُل شيء ما عدا نفسه، وأنت في احتياج إلى ثُوابت لكي تحكم، فالطائرة مثلاً تطير بسرعة 900 كم في الساعة، وتبدُو للشخص وكأنها ثابتة عن الحركة، لعدم وجُود ثُوابت فلا تشعر بسرعتها، بينما السيارة تسير بسرعة أقل بكثير وتشعر بسرعتها، لأن هُناك ثُوابت مثل الأشجار، والمباني الثابتة بجانب الطريق، فالثُوابت تعلمك مَن أنت؟! وكيف تسير، وأي طريق تسلك؟!
هذا المصباح في غاية الأهمية لعلاج أمراض النفس، وعليك أن تُقيس تصرفاتك على ضُوء الكتاب، وتتمثل بالرّب يسُوع المسيح، وسير القديسين، وحفظ أقُوال الآباء وتعاليم الرُسل، وممارسة وسائط النعمة..  
 
(4) سرّ التناول والشكر..
الرّب يقُول: أنا هُو خُبزُ الحياة، مَن يُقبل إليّ فلا يجُوع، ومَن يُؤمن بي فلا يعطش أبداً، مَن يأكُل جسدي ويشربُ دمي فله حياة أبدية، وأنا أقيمه في اليوم الأخير، لأن جسدي مأكل حقّ، ودمي مشرب حقّ، مَن يأكُل جسدي ويشرب دمي يثبُت فيّ وأنا فيه، انظر (يو35:6، 53-58)..
 
فما هُو الهدف من سرّ التناُول والشكر الأفخارستيا ؟!
من غير سرّ التناول والشكر لا يكُون لك سماء وميراث، إن لحماً ودماً لا يقدران أن يرثا ملكُوت الله، ولا يرث الفساد عدم الفساد، فاللحم والدم فاسد والسماء عديمة الفساد، ولا يمكن للفاسد أن يرث عدم فساد، أنظر  (رو16:8، 17؛ 1كو50:15)، فإن كنا أولاداً فإننا ورثة أيضاً..
 
(5) سرّ مسحة المرضى..
الرّب قد عالج النفس بمصباح سرّ التُوبة والاعتراف، وعالج الرُوح بمصباح سرّ التناول والشكر، أما الجسد فعالجه بمصباح مسحة المرضى وبُولس الرسُول يقُول: ينبغي أن يُسلّم هذا الأخ للشيطان لهلاك الجسد، لكي تخلُص الروح، ولئلاّ أرتفع بفرط الإعلانات، أعطيت شوكةً في الجسد، ملاك الشيطان ليلطمني لئلاّ أرتفع (1كو5:5؛ 2كو7:12؛ يع15:5)..
 
أمريض أحد بينكُم؟ فليدع شيُوخ الكنيسة فيصلُوا عليه ويدهنُوه بزيتٍ باسم الرّب، وصلاة الإيمان تشفي المريض، والرّب يُقيمه، وإن كان قد فعل خطيةً تُغفر له، ونلاحظ في صلاة الإيمان، أي إيمان المُصلي، والمُصلي عليه، حتى يبدأ بداية جديدة وتُوبة صادقة، وثقة كاملة في الله..
 
(6) سرّ الزيجة المُقدسة.. 
هذه هي الوصية الأولى والعظمى: تُحبّ الرّب إلهك من كُل قلبك، أي العاطفة، ومن كُل نفسك، ومن كُل فكرك، أي العقل (مت37:22)..
 لأن الرُوح القُدس يدخل في العُواطف، ويكُون الزُواج من الله، بيت على أساس سليم مبني على صخر الدهُور الرّب يسوع المسيح، بيت يقُوم على المحبّة والبذل والخدمة والتضحية والخضُوع والطاعة، فتصبح بيُوتنا كنائس، أنظر (أف23:5-33؛ فل2:1)، إلى الكنيسة التي في بيتك، لأن الرّجُل هُو رأس المرأة كما أن المسيح أيضاً رأس الكنيسة، ومُخلّص الجسد وقد لا يتزُوج الشاب أو الشابة ويختار حياة البتُولية والتكريس للرّب يسُوع ويسلك في طريق الرهبنة، أنظر الكتاب (1كو32:7-34)..  
 
(7) سرّ الكهنوت المُقدس..
والكهنوت هُو الذي يقُود المسيرة بالسلطان الكنسي، وعند رسامة الكاهن تُوضع على رأسه اليدّ، ويصبح عقله ملكية بالكامل لله، وتسمع من خلاله الوصية، لأن من فم الكاهن تُطلب الشريعة (ملا7:2)، والذين بلا مرشد يسقطُون كأوراق الشجر، أما جعلتنا لإلهنا مُلوكاً وكهنةً (رؤ10:5)، فكُلنا ملُوك، لأننا أولاد الله ملك المُلوك، وكُلنا كهنة لأننا نُقدم ذبيحة التسبيح ونتناول من الأسرار الإلهية المُقدسة، وفي العهد القديم كان لا يأكل خُبز الوجُوه إلاّ الكهنة فقط في الهيكل، أنظر الكتاب (رؤ4:4-11)..
هذه هي: شجرة الحياة التي تصنع اثنتي عشرة ثمرةً، خمس ثمرات من العهد القديم (الذبائح)، وسبعة أسرار من العهد الجديد..