محرر الأقباط متحدون
على هامش مشاركته في احتفال أقيم في مقر سفارة إيطاليا لدى الكرسي الرسولي بروما لمناسبة منح الصحفي الإيطالي أندريا أنجيلي الجائزة الأدبية "سفراء لدى الكرسي الرسولي"، تحدث أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان الكاردينال بيترو بارولين عن الأوضاع الراهنة في قطاع غزة وأوكرانيا مشددا على أن تحقيق السلام يتطلب إرادة طيبة من قبل جميع الأطراف المعنية.
رداً على سؤال أحد الصحفيين بشأن إمكانات نجاح اتفاقية وقف إطلاق النار في قطاع غزة أكد المسؤول الفاتيكاني أن التوقيع على هذه الاتفاقية، والذي جرى في شرم الشيخ بمصر بوساطة من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ليس إلا الخطوة الأولى مع أنها تكتسب أهمية كبرى. ولفت إلى الحديث عن عدم وجود نقاط للتفاهم مذ أن انطلقت المفاوضات، مشدداً على ضرورة ألا نفقد الأمل، ولا بد أن نضع ثقتنا بالإرادة الطيبة لجميع الأطراف بغية السير قدماً نحو السلام.
بعدها قال نيافته إنه يفكر بكاهن رعية العائلة المقدسة للاتين في غزة الأب غابريال رومانيلي، وباقي الكهنة والراهبات، والذين مُنحوا جائزة سيلفستريني للحوار والسلام. وقال إن هؤلاء الأشخاص يمثلون بالنسبة للكنيسة والعالم كله علامة للرجاء، موضحا أنه في وقت كان يسعى فيه الجميع إلى الخروج من غزة والبحث عن ملجأ آمن، قرر كهنة الرعية والراهبات البقاء هناك، لا بل شاءوا العودة إلى غزة، مذكراً بأن الأب رومانيلي والرئيس الإقليمي لرهبنة الكلمة المتجسد كانا في بيت لحم عندما اندلعت الحرب، وبذلا كل ما في وسعهما من أجل العودة إلى غزة، ومقاسمة المصير الذي ينتظر المؤمنين هناك. وأوضح بارولين أن هذين الرجلين قدما شهادة كبيرة يمكن أن تشكل تعليماً لنا جميعاً، قائلا إنه في خضم الأوضاع المأساوية، حيث يسود الحقد، يبقى دائماً الحضور المسيحي، وهذا الحضور هو بمثابة نور للمحبة التي تمنح العالم الرجاء.
هذا ثم توقف أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان عند الحرب الدائرة في أوكرانيا، معربا عن أمله في أن يتمكن الرئيس الأمريكي، بعد الإنجاز الهام الذي حققه في غزة، من الالتزام أكثر من البحث عن حل لهذا الصراع في قلب القارة الأوروبية. وقال إن الرئيس دونالد ترامب قام ببعض المحاولات، شأن لقائه مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في ألاسكا منذ شهرين، بيد أن هذه الجهود، تابع بارولين، لم تعطِ الثمار المرجوة لغاية اليوم، لافتا إلى أن للولايات المتحدة دوراً هاماً يجب أن تلعبه على هذا الصعيد.
بعدها طُلب من المسؤول الفاتيكاني أن يعلق على تصريحات أدلت بها وزيرة تكافؤ الفرص والعائلة في الحكومة الإيطالية أوجينيا ماريا روتشيلا التي تحدثت عن تنظيم رحلات إلى الموقع حيث كان معتقل "أوشفيتز" النازي ببولندا، وأثارت كلماتها سجالاً واسعاً في الأوساط السياسية الإيطالية، لاسيما لدى أحزاب المعارضة. أجاب بارولين على هذا السؤال قائلا إن أحداً لا يذهب إلى "أوشفيتز" في رحلة، لأن هذه الزيارات تحصل من أجل إحياء ذكرى المأساة الإنسانية الرهيبة التي تعرض لها شعب إسرائيل، مضيفا أن هذه المأساة ينبغي أن تبقى بمثابة تحذير بالنسبة للجميع، خصوصا إزاء انتشار معاداة السامية كما نرى اليوم وللأسف.
خلال مشاركته في احتفال منح جائزة "سفراء لدى الكرسي الرسولي" في نسختها السادسة، ذكّر الكاردينال بارولين بالكتاب الذي أصدره أندريا أنجيلي بعنوان "الإيمان، الرجاء الأخير: قصص كهنة ورهبان في مناطق الصراعات" وقال إن هذا المجلد عرف كيف يسلط الضوء على الكلمات المفعمة بالألم، كما على المعاناة بصمت وعلى التعب الذي يُثقل القلب خلال أوقات المحن والمآسي. وأشار إلى أن الكاتب اعتمد سردية بعيدة كل البعد عن الكلمات الباردة، إذ تُشع بالدفء المنبعث من القلب، ويتيح للقارئ الاطلاع على قصص كهنة ورهبان وراهبات في مناطق النزاعات، من بينهم رعاة شجعان رفضوا التخلي عن المؤمنين كما حصل في بغداد خلال حرب الخليج وفي ساراييفو خلال حرب البوسنة والهرسك.
وذكّر نيافته في الختام بأن الكتاب يتطرق في أحد فصوله إلى الانقلاب العسكري الذي حصل في تشيلي عام ١٩٧٣، مشيرا إلى أن الأساقفة والكهنة، وعلى الرغم من الخطر المحدق بهم، التزموا في الدفاع عن حقوق الإنسان، وفي طليعتهم الأسقف راول سيلفا هنريكيز الذي أنشأ منظمة كاثوليكية خيرية مدت يد المساعدة لأسر الضحايا.