محرر الأقباط متحدون
البابا لاون الرابع عشر في الميناء السياحي في أوستيا لزيارة Med25 Bel Espoir، السفينة التي تجوب منذ أشهر موانئ البحر الأبيض المتوسط وعلى متنها ٢٥ شابًا وشابة من جنسيات وديانات مختلفة، وقد دعاهم البابا إلى إعطاء "بوادر رجاء" وسط الكراهية والعنف والانقسام. وقد أمضى البابا لحظات خاصة مع الطاقم بين الأسئلة والشهادات وتذوق بعض الحلويات.

عصر الجمعة، توجّه البابا لاون الرابع عشر إلى الميناء السياحي في أوستيا للقاء مميّز مع طاقم سفينة " Med25 Bel Espoir ". هذه السفينة الشراعية، التي تعود إلى أربعينيات القرن الماضي، وتقوم منذ ثمانية أشهر برحلة عبر موانئ البحر الأبيض المتوسط بهدف نشر رسالة الأخوّة والحوار. وعلى متنها، التقى الحبر الأعظم بخمسةٍ وعشرين شابًا وشابة يشكّلون طاقم السفينة. هؤلاء الشباب ينتمون إلى مجموعة واسعة من البلدان، من بينها البوسنة، الجزائر، إسبانيا، فلسطين، فرنسا وباكستان، ويمثلون ثقافاتٍ ودياناتٍ وجنسياتٍ متعددة. وُلدت هذه المبادرة في مرسيليا استلهامًا من زيارة البابا فرنسيس في أيلول سبتمبر ٢٠٢٣، وهدفها تحويل "بحرنا المتوسط"، الذي جعلته الأزمات والحروب "بحر موت"، إلى ملتقى حقيقي للحوار والسلام.

وخاطب البابا الشباب بكلمات قوية حول رسالتهم، واصفًا إياهم بأنهم "علامة رجاء للبحر المتوسط وللعالم". ودعاهم بصوتٍ تأثر بنسيم البحر إلى أن يصبحوا "بناة سلام" و"مروّجين للسلام" في زمنٍ يتزايد فيه العنف والكراهية والانقسام. وشدّد الحبر الأعظم على أهمية خبرة العيش المشترك في فضاء ضيّق مثل السفينة، معتبرًا أنها برهان للعالم على أننا "نستطيع أن نتّحد رغم اختلاف بلداننا، ولغاتنا، وثقافاتنا، ودياناتنا، لأننا جميعًا بشر." وأشاد بقدرتهم على تخطي صعوبات الملاحة والتعايش، محوّلين اختلافاتهم إلى قوّة للشركة والوحدة.

وحضر اللقاء أيضًا الكاردينال جان-مارك أفيلين، رئيس أساقفة مرسيليا والمبادر إلى هذه المبادرة. وخلال الزيارة، حرص البابا لاون الرابع عشر على التعرّف شخصيًا إلى كل فرد من أفراد الطاقم، سائلاً كلّ واحدٍ عن اسمه وبلده الأصلي. هذا التصرف البسيط أبرز ما وصفه البابا بأنه "روعة التعرّف إلى أشخاصٍ جدد" وإيجاد طريقة "إنسانية جدًا" للعيش والسفر معًا.

وترك البابا للشباب ثلاث كلمات أساسية لتوجّههم في المستقبل: "الحوار، الجسور، والسلام." الحوار: دعاهم إلى تعلّم الحديث فيما بينهم، والإصغاء باحترام، والتعبير عن أفكارهم وقيمهم، والتأكد من أن الآخر يشعر بأنه مسموع حقًا. فـ"الاحترام المتبادل"، كما قال، "هو علامة حقيقية للرجاء." الجسور: من خلال الحوار تُبنى الجسور، لا بمعناها الرمزي فحسب، بل كروابط "بيننا جميعًا، شعوب الأمم المختلفة." السلام: وأخيرًا، حضّ الشباب، ومن بينهم الأعضاء الفلسطينيون في الطاقم، على أن يكونوا صانعي سلام، مذكّرًا بأننا "جميعًا أبناء وبنات الإله الواحد، نعيش معًا في هذا العالم، ونتحمل جميعًا مسؤولية مشتركة."

وبعد كلمته وأنشودة الطاقم – التي كانت ترنيمة للسلام والوحدة – أمضى البابا بعض الوقت على انفراد مع مجموعة من الشباب. وخلال هذا اللقاء الودي، حيث قُدّمت الحلويات الفرنسية والقهوة، استمع لاون الرابع عشر إلى الشهادات والخبرات الشخصية، مجيبًا على أسئلتهم، ومن بينها سؤال عميق طرحته حنان من البوسنة: "نحن جميعًا على هذه القارب الصغير نعيش في سلام، فلماذا لا يمكننا أن نعيش هكذا في العالم الأكبر؟" وقد أظهر هذا اللقاء بابا – كما قالت شابة جزائرية – "كان بابا وأبًا في الوقت عينه"، تحدّث عن إمكانية العيش في وحدة رغم اختلاف المسارات.

واختُتمت الزيارة بصورة جماعية، وتصفيقٍ حار، وغناءٍ من الشباب. ثم عاد البابا لاون الرابع عشر إلى الفاتيكان، فيما أبحرت سفينة الـ "Bel Espoir" مجددًا، مغادرةً أوستيا نحو محطتها التالية في كورسيكا، لتواصل مهمتها كأثرٍ من الرجاء في بحرٍ عطِشٍ إلى السلام.