بقلم الأب يسطس الأورشليمى
 كلمة يونانية تعني مرغوبة أو محبوبة، وهي عاصمة المقاطعة الرومانية في غرب آسيا الصغرى، وملتقى طبيعي للطرق التجارية، خاصة الطريق الرئيسي بين روما والشرق، اشتهرت بهيكلها العظيم إرطاميس حوالي سنة 555 ق.م، سقطت المدينة تحت حكم كريسسCROESUS  ملك ليديا، وبعد قليل سقطت تحت الحكم الفارسي، وفي عهد إسكندر الأكبر خضعت للحكم المقدوني اليوناني، وفي سنة 133 ق.م خضعت للحكم الروماني، وصارت عاصمة ولاية آسيا..

+ أما نتائج تبشير الرسول بولس في أفسس، فقد أوضحها لوقا البشير الطبيب في سفر أعمال الرسل وهي:
(1) قبل كثير من اليهود والأمم الإيمان بالمسيح (أع10:19)..

(2) بلغت الكرازة كل آسيا خلال عاصمتها أفسس..

(3) إذ صنع الله على يديّ الرسول بولس قوات غير المعتادة، فشرع بعض السحرة في صنع عجائب باسم يسوع الذي يُكرز به (أع13:19)..

(4) انهارت عبادة أرطاميس، الأمر الذي دفع صنّاع الفضة أن يقوموا بثورة، حاسبين في عمل الرسول إهانة شعبية للهيكل (أع24:19-29)..

(5) يظهر تأسيس كنيسة عظيمة في أفسس لها قسوسها، مما جاء في (أع29:20)، إذ أستدعى الرسول بولس قسوس الكنيسة التي في أفسس  وقد أنبأهم عن دخول معلمين كذبة بينهم هم ذئاب خاطفة لا تشفق عليهم..

+ إذ ترك الرسول بولس أفسس، أتى إليها تلميذه تيموثاوس وخدمها زماناً لكي تُحفظ من التعاليم الباطلة الخاطئة (1تى3:1)، وهي إحدى الكنائس السبع في آسيا التي وجهت إليها رسائل في سفر الرؤيا (رؤ11:1) وقضى القديس يوحنا الحبيب أيامه الأخيرة هناك، وتنيح في أفسس..

+ ولا يوجد أدنى شك حول أن كاتب الرسالة هو بولس الرسول، وقد وجهها للكنيسة التي في أفسس، والدليل على ذلك الآتي:

أولاً: الشهادة الداخلية..

 أن بصمات الرسول بولس واضحة في هذه الرسالة، فالوحي الإلهي يعمل في الكاتب ويرشده، ويحفظه من الخطأ، دون أن يفقده شخصيته في كتابه تكريماً للإنسانية، التي يستخدمها الروح القدس ويتفاعل معها، وتظهر بصمات الرسول في بث الرجاء في النفوس مع التشجيع والشكر لله، كما أنه يدعو نفسه (أف1:3؛ 1:4) أسير المسيح يسوع والأسير في الرب، إذ يكتب كرسول سجين من أجل الإيمان بالسيد المسيح له المجد..

يكتب عن: سرّ المسيح المعلن له شخصياً، إذ يقول: أنه بإعلان عرفني بالسرّ، الذي صرت أنا خادماً له حسب موهبة نعمة الله المعطاه لي حسب فعل قوته، أنظر الكتاب المُقدس (أف3:3-7).. 

كما يبرز الرسول حبه العملي لمن يكتب لهم ويدعو للحياة الجديدة مع التخلي عن الحياة الأممية الفاسدة وذهنها الباطل، ثم يطلب الصلوات عنه وعن كل الكنيسة، ويختم الرسالة بالبركة الرسولية، وجاءت تضم التحية والشكر، والحديث العقيدي والسلوكي، والتحية فالبركة الختامية أنظر الكتاب المُقدس (أف13:3-21؛ 17:4-24؛ 18:6-24).. 

ثانياً: الأدلة الخارجية..
 بجانب ما حملته الرسالة من شهادة داخلية، أنها من وضع الرسول بولس، فأنه توجد أدلة خارجية تؤكد ذلك، فهذه الرسالة كانت منتشرة في منتصف القرن الثاني، بل وحتى بين الهراطقة، كما أنها أدرجت في القانون الموراتاري حوالي سنة 180م، ضمن رسائل بولس الرسول..
موضوع الرسالة وزمن كتابتها..

الرأى الأرجح أنها كُتبت حوالي سنة63م، حين أذن لبولس الرسول أن يستأجر بيتاً في روما لمدة سنتين، وكتب خلالها كل رسائل الأسر وهي: كولوسي، أفسس، فيليبي، فيلمون، وأقام بولس سنتين كاملتين في بيت أستأجره لنفسه، وكان يقبل جميع الذين يدخلون إليه، كارزاً بملكوت الله ومعلماً بأمر الرب يسوع المسيح بكل مُجاهرة، بلا مانع (أع30:28)..

وتعتبر هذه الرسالة كنسية في جوهرها وهدفها، وموضوعها الرئيسي هو الكنيسة وعلاقة المسيح بها، فهي الجسد بالنسبة للرأس، والعروس لعريسها، أنظر الكتاب المُقدس (أف23:1؛ 23:5-32).. 

وغاية الرسالة الإعلان عن خطة الله في خلق شعب مسياني لله، جماعة مُقدسة جديدة، متحدة بالرأس المسيح، وهذا هو سرّ محبة الله للبشرية، فبعد أن أكدّ الرسول في الإصحاحات الثلاثة الأولى عمومية الخلاص لليهودي كما للأممي، أوضح في الإصحاحات الثلاثة الأخيرة أن: أسلحة المُؤمن الروحية، ووحدة الإيمان، والقداسة والسلوكيات الشخصية والاجتماعية يلزم أن تُمارس من خلال الكنيسة وداخلها، كطريق مركزه المسيح..

مقدمة الرسالة..
كولوسي Colosse مدينة صغيرة، تقع في مقاطعة فريجية في جنوب آسيا الصغرى، شرق مدينة أفسس، وغرب أنطاكيا بسيدية..

كُتبت الرسالة إلى أهل كولوسي من السجن مثل الرسائل إلى أهل أفسس وأهل فيلبي وفيلمون، وقد جاء في التقليد الكنسي القديم أنها كُتبت في روما في سجن بولس الرسول الأول هناك(أع28)، ما بين عامي63،61 م..

جاءت الشواهد الداخلية والخارجية تؤكد أن الرسول بولس هو كاتب الرسالة، فقد جاء في مقدمة الرسالة أن كاتبها هما: بولس وتيموثاوس، وأن الرسالة حملت ذات طابع رسائل القديس بولس في هيكلها حيث تبدأ بمقدمة تضم الشكر لله، ثم تعرض الجوانب العقائدية يتبعها الجوانب العملية..
غاية وهدف الرسالة..

يظهر هدف الرسالة من سياق الرسالة نفسها، فقد ذهب أبفراس إلى  روما لينقل إلى الرسول بولس الأخبار السعيدة عن الكنيسة في كولوسي حيث ملك الإيمان والمحبة، أنظر (كو4:1؛ 5:2).. 

غير أنه تسللت بدعة ما إلى المجتمع الكولوسي تُقلل من شأن السيد المسيح، وتنكر رئاسته للكنيسة، وقد أرسل الرسول هذه الرسالة مع أبفراس ليعالج هذه المشكلة، لكن ألقى القبض على أبفراس وسجن، فبعث الرسول بها بيد تيخكُس، أنظر الكتاب المُقدس (كو7:4-9)..