بقلم الأب يسطس الأورشليمى
ويحكى التقليد أن حنة ويواقيم والدى العذراء كانا عاقرين وكان العقم عاراً عند اليهود لذلك نذرت حنة نذراً قائلة أن النسل الذى تعطينى إياه لن أدعه يمشى على الأرض حتى أقدمه للهيكل وسمع الله لدعائها وأرسل لها الملاك جبرائيل الذي قال لها أن اللـه قد سمع لدعاءك وها أنت ستحبلين وتلدين ابنة مباركة وسيكون لها الطوبى في جميع الأجيال وفي كل أقطار المسكونة ومنها يولد الخلاص من أسر أبليس واعوانه فأجابت حنة للملاك جبرائيل وقالت حي هو الرب لو أنني رزقت بمولودة كما قلت لسوف أقدمها قرباناً للرب للخدمة كل أيام حياتها في هيكله المقدس وفعلاً ولدت العذراء مريم وأرضعتها أمها ثلاث سنوات وهي المدة القانونية في ذلك الزمان ودخلت مريم الهيكل وكانت أمها تزورها وتحمل لها الطعام واللباس وعندما بلغت العذراء السادسة من عمرها توفي والدها وفي الثامنة توفيت والدتها فاصبحت بذلك يتيمة الأب والأم وقضت مريم في الهيكل تسع سنوات تصلي وتتعبد وتسبح مع الصاعدين للهيكل مزامير المصاعد وكانت الملائكة تأتيها بطعام سماوي وحين بلغت العذراء سن الثانية عشر من عمرها تشاور الكهنة في مصيرها حيث لا تجوز أن تقيم في الهيكل بعد هذه السن فأوعز الملاك في رؤيا إلى زكريا الكاهن أبو يوحنا المعمدان ( فيما بعد ) أن يجمع عصي رجال المدينة التي تنتمي إليها العذراء وكتب على كل عصا اسم صاحبها وفي اليوم التالي أفرخت العصا المكتوب عليها اسم يوسف النجار وأستقرت على رأسه حمامة فكان ذلك تأكيداً لإختيار العناية الإلهية له وحرصاً على سمعة العذراء رأى الكهنة وجوب كتابة وثيقة رسمية في الهيكل كانها زوجته وكان هذا التصرف عملاً إلهياً حتى متى حبلت العذراء دون أن يكون بينهما زواج ترجم كما أمرت الشريعة بوصفها زانية وفي ذلك الوقت ظهر ملاك الرب جبرائيل للعذراء ليبشرها بالميلاد العجيب قائلا لها سلام لك أيتها الممتلئة نعمة الرب معك. وتم الحبل الإلهي( ).
وكان يوسف رجلها رجلاً باراً كما قال الكتاب (متى1 :19) وكلمة رجلها بكل اللغات اليونانية والقبطية والإنجليزية والفرنسية تعني زوجها، وإذ ظهرت على العذراء علامات الحمل أرتبك يوسف عالماً أن هذا الحمل ليس منه إذ كان يعيشان معاً كجد وحفيدته إذ كان عمر يوسف النجار وقتها حوالي التسعين أو يزيد وكان يحق له جمع شيوخ المدينة ورجمها ولكن لكونه باراً أراد تخليتها سراً ( أي خفية دون رجمها) وهنا ظهر له ملاك الرب قائلاً له ( يا يوسف يا ابن داود لا تخف أن تأخذ مريم امرأتك لأن الذي حبل به فيها هو من الروح القدس) (متى1 : 20) وذلك تأكيداً على أن مريم كانت زوجة ليوسف ولكنه لم يعرفها لا قبل ولا بعد ولادة السيد المسيح ولذا عاد الإنجيل فأكد في ( لوقا 2 : 2-7 ) فذهب يوسف أيضا من مدينة الناصرة التي بالجليل إلى مدينة داود المسماه بيت لحم ليسجل اسمه مع مريم خطيبته التي كانت حبلى ويذكر متى أيضا في(1: 18) ( أما ميلاد يسوع المسيح فكان هكذا كانت أمه مريم مخطوبة ليوسف)، أي أنها كانت زوجته اسمياً ورسمياً وخطيبته فعلاً وعملاً، ومن دلائل براءة يوسف النجار أحترامه رغبة العذراء في أحتفاظها بالبكورية وأن تبقى دائماً.
ثم يظهر له الملاك مرة أخرى يأمره بالعودة إلى أورشليم ( الجليل) ولذلك عامله الله كما عامل إبراهيم ( هل أخفي عن إبراهيم ما أن فاعله ) وأنطبق عليه قول الكتاب لقد آمن فحسب له إيمانه براً. ولم يكن يوسف إذن مجرد زوج شرعي لمريم يحميها من أقاويل الناس ولنا أن نتصور مدى المعاناة التي لاقاها يوسف النجار مع العذراء حينما جاءها المخاض ولم يكن لها مكان لتلد.
كذلك كان القديس يوسف النجار أيضا مصاحباً لمريم في رحلتهما الطويلة إلى مصر والعودة منها وكم تحمل جاهداً كي يحمي العذراء والطفل يسوع كمسئول عنهما من اللصوص وقطاع الطرق.
ولم تكد العائلة المقدسة تستقر في مكان حتى يثير عليهم الشيطان حربا طوال الرحلة وكان في كل هذا هو العائل لها أدبياً ومادياً وكان يشتغل بالنجارة وقد رعى يوسف النجار هذه الأسرة بحنان الزوج الوفي وكفل لهذه الأسرة الراحة النفسية والروحية والجسدية ليقوم بأود تلك الأسرة المباركة وقد أستمر يوسف يقوم بهذا العمل يلازم السيد المسيح لمدة 16 عاما من تاريخ تجسد ربنا يسوع المسيح على الأرض ملازمة تامة يرصد كل قواه الروحية والبدنية تحت عنايته، وهذا شرف عظيم وبركة كبيرة أن يأكل الرب يسوع وأمه العذراء من ثمر كد يوسف، ويكفي القديس يوسف كرامة أن يذكر عنه الإنجيل أن يسوع المسيح كان طائعاً له ولمريم العذراء أمه فمبارك يوسف البار ومباركة هي حياته وسيرته وتذكرالكنيسة خبر رقاد القديس يوسف البار في اليوم السادس والعشرين من شهر أبيب (2 أغسطس )( ).
أما نياحة السيدة العذراء تحتفل بها الكنيسة في 21 طوبة الموافق 29 يناير وفي 21 من كل شهر قبطي بتذكار نياحة السيدة العذراء ويذكر التقليد أن العذراء نفسها هي التي طلبت من السيد المسيح أن يضع حداً لمتاعبها مع اليهود الذين اعتادوا مضايقتها ولم يتركوها في راحة بل أضطهدوها وأتخذوا ضدها إجراءات لمنعها من الذهاب للقبر المقدس لتصلي وتتعبد مع الذين تمثلوا بطهارتها وعفتها، وأستجاب السيد المسيح لها وأرسل الملاك جبرائيل ليفرح قلبها بأنها ستغادر هذا العالم الزائل، وأنه سياتي بذاته ليتسلم روحها الطاهرة وشاهدوا رب المجد ومعه أدم وصموئيل وداود وكثير من القديسين وهو يضم روح أمه الطاهرة إليه ويعطيها لرئيس الملائكة ميخائيل وأوصى الرسل بتكفين جسدها ودفنها بالإكرام اللائق، ولكن خرج بعض اليهود الأشرار غاضبين قاصدين خطف جسدها وحرقه بالنار وبلغت الحماسة بأحدهم وكان يدعى ثاوفينا فمد يده إلى التابوت فما كان من ملاك الله إلا أن قطع يده بسيفه فأنفصلت وتوجع هذا الشقي قائلاً ويحي أنا الشقي الذي لم يرتدع أنا هو المفلوج مدة 38 عاما والذي شفاني السيد المسيح وقال لي ها قد برأت فلا تعود تخطئ لئلا يصيبك ماهو أسوأ، ولكني لم أرتدع وعدت للخطيئة كما يعود الكلب إلى قيئه فأغيثوني وأعينوني وأطلبوا عني ليغفر لي الرب ويرحمني ويعينني ويقبلني من جديد، فصلى عليه الرسل وتقدم بطرس الرسول وضم الزرعان المقطوعان إلى ثأوفينا فألتحمتا ودفنت العذراء في الجثمانية على أن الأباء الرسل ظلوا يسمعون تراتيل الملائكة وتسبيحهم فلم يستطيعوا المغادرة لمدة ثلاثة أيام ورحلوا بعد أن قل الصوت وأنخفض, وفي الطريق قابلهم توما الرسول وأخبروه بموت العذراء فطلب هو الأخر أن يتبارك من جسدها الطاهر فلما فتحوا التابوت وجدوا القبر فارغاً وأشتموا رائحة طيبة تفوح منه حينئذ أضطرب التلاميذ خوفاً من أن يكون اليهود قد سرقوا الجثمان أو يعود توما مرة أخرى إلى شكه وهنا أخبرهم توما أنه وهو قادم من الهند رأى جسد السيدة العذراء صاعداً إلى السماء فقال له الملاك أسرع ياتوما وخذ بركة والدة الإله فألقت له زنارها ( يوجد هذا الزنار في كنيسة الزنار بحلب في سوريا ).
وكانت سنو حياة العذراء على الأرض 60 سنة منها 3 سنين في بيت أبيها و9 سنوات في الهيكل, و34 سنة في بيت يوسف إلى صعود الرب و14 عند يوحنا الإنجيلي كوصية الرب لها هذا ابنك وليوحنا هوذا أمك ( ).





