زهير دعيم 
هنا في حضن الجليل  الدافئ ،  وفي رحاب  قممه وبين وديانه ، لا تهمسُ الجبالُ فقط … بل تروحُ  تحكي ... 

تحكي عن خطواتِ الربّ يسوع على ترابها ، وعن ظلّه  البهيّ الممتدّ على مياه بحيرتها ، وعن كلماته التي سكنتِ القلوبَ والنفوس والزيتون والتين ، ونقشت السّلام والطمأنينة على جدران المدن والبلدات .

الجليل ليس مكانًا فحسب …  
إنه صلاة خاشعة في فجر الناصرة ...  

إنه تسبيحة صامتة تعلو من قمة جبل الطابور وقرية نايين .
انّه ترنيمة هامسة تغرّد فوق مقرّ قديسة عبلّين والشّرق ( مريم بواردي )   
نعم إنّه دمعة حبّ سكبتها الأرضُ حين مشى عليها ابن الإنسان .

أعيش هنا والفخر يلفّني ، حيث الحكاية لا تنتهي…  
أتنفّس عطر الزعتر البريّ ، وأستمع للريح وهي ترتّل وصايا المحبة . .  
وأشعر أنّي أنتمي إلى قصة لا تشيخ  ، وإلى أرضٍ مسحتْ دموعَها يدُ السّماء  . 

مشهد جميل  يُغرّد ويُعشّش بين حنايا الصخور وأغصان التين والخروب  ،  
فتروح تتعانق السماء بالأرض ويروح التّاريخُ  يخاطبُ الحاضر بلغة الطمأنينة .  
هنا سمعنا دعوته  : " لا تخفْ "  " تعالَ اتبعني " . 

فنحن يا صاحبي في الجليل لا نمشي فقط على أرضٍ مقدسة ،  
بل نحمل في قلوبنا الرسالة ... 
رسالة النّور في زمن الظُّلمة ،  
رسالة الغفران في عالم يضجّ بالغضب والعنف .

الجليل يحكي … وأنا أُصغي   
فأزدادُ إيمانًا بأنَّ الربّ مرّ من هنا ،
شفى المرضى ،   اطعم الجياع  ، أقام الموتى ..  
و ترك فينا أثرًا لا يُمحى ،  وحبًّا لا يزول.
 ورسالةً نحيا من أجلها ، وما أحلاها من رسالة !!!