محرر الأقباط متحدون
شهدت مدينة إسطنبول حدثًا مسكونيًا بارزًا، مع إعلان بيان مشترك بين قداسة البابا لاون الرابع عشر والبطريرك المسكوني برثلماوس الأول، وذلك في إطار الزيارة الرسولية التي يجريها الحبر الروماني إلى تركيا ولبنان، وبمناسبة الاحتفال العالمي بمرور 1700 عام على مجمع نيقية الأول (325م).

وأُعلن البيان في كاتدرائية القديس جاورجيوس البطريركية في الفنار، يوم 29 نوفمبر 2025، ليؤكد التزام الكنيستين الكاثوليكية والأرثوذكسية بالسير بثبات على طريق الحوار والمحبة واستعادة ملء الشركة الكنسية، مستلهمين روح الآباء المجتمعين في نيقية قبل سبعة عشر قرنًا.

تأكيد على الإيمان المشترك
شدّد البيان على أن وحدة المسيحيين هي عطية إلهية قبل أن تكون جهدًا بشريًا، داعيًا جميع أبناء الكنيستين—من إكليروس ورهبان وعلمانيين—إلى الصلاة من أجل تحقيق طلبة المسيح:

«ليكـونوا جميـعًا واحـدًا… ليؤمن العالم أنك أرسلتني» (يو 17: 21).

كما أكد الطرفان أن قانون الإيمان النيقاوي يظل الركيزة الأساسية التي تجمع المسيحيين، باعتباره إعلانًا واضحًا للإيمان بالمسيح الإله الحق المولود من الآب، ولرسالة الفداء والقيامة والخلاص.

نحو موعد موحد لعيد القيامة
رحّب البيان باحتفال الكنائس هذا العام بعيد الفصح في اليوم نفسه، مع التأكيد على الاستمرار في العمل للوصول إلى تاريخ موحّد لعيد القيامة كل عام، بوصفه علامة حيّة على الوحدة الإيمانية.

 ستّون عامًا على رفع الحرمان المتبادل
استعاد البيان الذكرى الستين للإعلان التاريخي الذي أصدره البابا بولس السادس والبطريرك أثيناغوراس عام 1965، والقاضي برفع الحرم المتبادل الذي وقع سنة 1054. وأكّد أن تلك الخطوة النبوية فتحت عهدًا جديدًا من الثقة والمحبّة بين الكنيستين.

 دعم الحوار اللاهوتي والدعوة إلى شهادة موحّدة
جدّد الطرفان دعمهما للجنة الحوار اللاهوتي الكاثوليكي–الأرثوذكسي، مع الإشارة إلى أن العقبات المتبقية يمكن تجاوزها عبر الحوار الأخوي والصلاة المشتركة والخدمة المتبادلة.

كما دعا البيان جميع المؤمنين إلى استقبال ثمار الحوار بثقة، والعمل على تجديد الشهادة المسيحية في عالمٍ يمزّقه العنف والانقسامات.

 نداء من أجل السلام وحماية الخليقة
أعرب البابا والبطريرك عن قلقهما العميق إزاء الوضع الدولي، ووجّها نداءً صريحًا لوقف الحروب والتدمير، رافضين أي استخدام للدين لتبرير العنف. وأشارا إلى أهمية الحوار بين الأديان وروح وثيقة «في عصرنا – Nostra Aetate» في بناء عالم أكثر عدلًا وأخوّة وحمايةً للخليقة.

 خاتمة روحية
اختتم البيان برفع الصلاة من أجل المتألمين والجائعين والمعزولين والمرضى، طالبين من الله أن يسكب نعمته على الإنسانية،

«لكي تتقوّى قلوبهم، وترتبط بمحبة واحدة، ويبلغوا إلى معرفة سرّ الله: المسيح» (كو 2: 2).

وقد صدر الإعلان من الفنار بتاريخ 29 نوفمبر 2025، حامِلًا رسالة واضحة بأن كنيسة روما وكنيسة القسطنطينية ماضيتان في مسيرة التلاقي والوحدة، مستندتين إلى إرث نيقية وروح الآباء النيقاويين في عامها السابع عشر بعد الألف.