كمال زاخر

الأربعاء ١٠ ديسمبر ٢٠٢٥ 
هناك ظاهرة يلمسها كل من يتابع تعليقات البعض، وهم غير قليل، من غير المسيحيين، على ما يُنشر من مواد دينية مسيحية، وغالبيتهم من الشباب الغض، أو اللجان الإلكترونية، المسيسة بغطاء ديني، أو الجماعات التي تسعى لتكريس الشقاق بين ابناء الوطن، هم في مجملهم يوردون نصوصا دينية يؤمنون بها لتفنيد ورفض ما يعلقون عليه.

وهو أمر يفتح باب الجدل من ومع نظرائهم المسيحيين، وقد ينتهي إلى احداث وتعميق شرخ في اللحمة الوطنية، وأحسبه أحد اخطر ادوات هدم الوطن.

 هذا الجدل ليس جديداً أو مستحدثاً فكتب التاريخ تحدثنا عنه حتى إلى زمن الحضارات القديمة، ولعلنا نتذكر ما حدث في مصر القديمة بين أتباع آمون وأتباع آتون، أو بين الأديان السماوية والوثنية، ومحاورات الفلاسفة وقتها.

في الدولة الحديثة، التي انتبهت لمخاطر هذا الصراع والجدل، اختارت النسق المدني، وفيه تتقدم المواطنة لتتصدر المشهد، ويتراجع الجدل ليستقر في أروقة الجامعات فيما يعرف بعلوم الأديان المقارنة.

فتفرغ فيها العقل الجمعي لتطوير الحياة وتعظيم الإنتاج ودعم الإبداع والولوج إلى مجتمعات الوفرة ومن ثم الرفاهية. 

كانت نقطة الإنطلاق تيقنهم أن هناك قضايا محورية محل خلاف جوهري بين المسيحية وغيرها من الأديان،  والتعايش معها والبحث عن المشترك خارجها، سبيلهم لحياة أفضل تأسيساً على أن لكل دين منظومة عقائده، والتي لها تأويلاتها عند تابعيها.

متى ننتبه أن الجدل فيها حرث في ماء، يعمق النفور، ويعمق ابتعادنا عن مواجهة اشكالياتنا الحياتية وحلها، ومن ثم تحاصرنا دوامات الجهل والفقر والتخلف، والصراع.