كمال زاخر
فيما يشبه "الهوجة المرتبة!!!" توالت مقالات وبرامج تتبني الحديث عن دموية التوراة، ودموية إله التوراة "الوهيم"، بل وذهب بعضها إلى انكار ان المسيح هو الله الظاهر في الجسد، العقيدة الأساسية في الإيمان المسيحي، وفي هذا السياق يُقحم الكلام عن "المسيحية الصهيونية" ويروج لها باعتبارها ايمانا مسيحياً بالمخالفة لحقيقة المسيحية،
وكلاهما ينطلق من سعي ايجاد مرجعية تفسر التعامل الدموي الإجرامي للكيان مع الشعب الفلسطيني وهو أمر لي عليه اكثر من ملاحظة:
أن كثير من القَصَص التوراتي نقرأه كما هو في القران. وفيهما المصدر متطابق.
اغفال ان تديين الصراع على أرضية الكراهية أمر يعتمده طرفي الصراع استناداً إلى نصوص دينية عند كليهما. وتحولا به من دائرة الحقوق المدنية الى الحقوق الدينية التاريخية.
لم يمدا الخيط على استقامته ليطّلعا على القراءة المسيحية للتوراة والانتقال، فيها، من التفسير النصي الى التفسير الرمزي على ارضية لاهوتية. بل ذهبا للتشكيك في صلب عقيدتها فيما يخص ايمانها بكينونة المسيح الله (الوهيم) المتجسد، وهو أمر يخص المسيحية ولا يتطلب ايمان الغير بها.
ان من يرد الصراع إلى تأويلات طائفة مسيحية غربية ترى انه سينتهي إلى اعادة بناء دولة تجمع شتات اليهود كعلامة تنبئ بمجئ المسيح، يعاني من فقر معرفي، بالعقائد المسيحية عند كل كنائسها. ويعمم الاستثناء على المجموع.
الصراع التوراتي / التاريخي يبقى في دائرة الاجتهادات وله خلفيات سياسية ومقارنة أديان. ولا أحد يزعم أنه يضع يده على كل اسرار التاريخ المصري القديم. والفجوة التي حالت دون معرفة (كل) الحقائق التاريخية عن مصر القديمة جاءت بسبب حريق مكتبة الأسكندرية لمرات عديدة في احقاب متتالية.
الصراع الفلسطيني الإسرائيلي لن يحل بالتشكيك في التوراة، أو بتديينه، بل بامتلاك قدرة المواجهة السياسية واللوجستية والقبول بالعيش المشترك بين الشعبين دون الدخول في جدل الاتهامات الشعبوية الانفعالية وغير الصحيحة..
ويبقي ان مصر ليست محل تفريط أو تفكيك بتاريخها الممتد برقائقه المتتالية منذ العصور الفرعونية وحتى اللحظة.
ولعل من يروجون لهذه التأويلات يدركون فداحة ما يمكن أن يتولد عنها عند قاعدة عريضة في الشارع المصري من ردود فعل عنفية يغذيها المتربصون بمصر. وتهدد سلامة وسلام ووحدة وطننا.





